وَأما الطَّائِفَة الثَّانِيَة فهم قوم ابتدؤا الطّلب بِحَدِيث النَّبِي ص = فَلم يزِيدُوا على طلب علو الْإِسْنَاد وَجمع الغرائب دون أَن يهتموا بِشَيْء مِمَّا كتبُوا ويعملوا بِهِ وَإِنَّمَا تَحملُوهُ حملا لَا يزِيد عَن قِرَاءَته دون تدبر مَعَانِيه وَدون أَن يعلمُوا أَنهم المخاطبون بِهِ وَأَنه لم يَأْتِي هملا وَلم يقلهُ رَسُول الله ص = عَبَثا بل أمرنَا بالتفقه فِيهِ وَالْعَمَل بِهِ بل أَكثر هَذِه الطَّائِفَة لَا يعْمل عِنْدهم إِلَّا بِمَا جَاءَ من طَرِيق مقَاتل بن سُلَيْمَان وَالضَّحَّاك بن مُزَاحم وَتَفْسِير الْكَلْبِيّ وَتلك الطَّبَقَة وَكتب البدء الَّتِي إِنَّمَا هِيَ خرافات مَوْضُوعَات وَلَدهَا الزَّنَادِقَة تدليسا على الْإِسْلَام وَأَهله
فأطلقت هَذِه الطَّائِفَة كل اخْتِلَاط لَا يَصح مثل أَن الأَرْض على حوت والحوت على قرن ثَوْر والثور على الصَّخْرَة والصخرة على عاتق ملك وَالْملك على الظلمَة والظلمة على مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله عز وَجل
فنافرت هَذِه الطَّائِفَة كل برهَان وَلم يكن عِنْدهم أَكثر من قَوْلهم نهينَا عَن الْجِدَال
وليت شعري من نَهَاهُم عَنهُ وَالله يَقُول فِي كِتَابه الْمنزل على نبيه الْمُرْسل {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَأخْبر تَعَالَى عَن قوم نوح أَنهم قَالُوا {يَا نوح قد جادلتنا فَأَكْثَرت جدالنا}
وَقد نَص الله تَعَالَى فِي غير مَوضِع من كِتَابه على أصُول الْبَرَاهِين وَقد نبهنا عَلَيْهَا فِي غير مَا مَوضِع من كتَابنَا هَذَا