للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فحملوا كل مَا أشرفوا عَلَيْهِ محملًا وَاحِدًا وقبلوه قبولا مستويا فسرى فيهم الْعجب وتداخلهم الزهو وظنوا أَنهم قد حصلوا على مباينة الْعَالم فِي ذَلِك وللشيطان موالج خُفْيَة ومداخل لَطِيفَة فتوصل إِلَيْهِم من بَاب غامض وَهُوَ إصغار كل شَيْء من عُلُوم الدّيانَة الَّتِي هِيَ الْغَرَض الْمَقْصُود من كل ذِي لب وَالَّتِي هِيَ نتيجة الْعُلُوم الَّتِي طالعوا لَو عقلوا سبلها ومقاصدها

فَلم يعبأوا بِآيَة من كتاب الله الَّذِي هُوَ جَامع عُلُوم الْأَوَّلين والآخرين وَالَّذِي لم يفرط فِيهِ من شَيْء وَالَّذِي من فهمه كَفاهُ وَلَا بِسنة من سنَن رَسُول الله ص = الَّتِي هِيَ بَيَان الْحق وَنور الْأَلْبَاب

وَلم تلق هَذِه الطَّائِفَة من حَملَة الدّين إِلَّا أَقْوَامًا لَا عناية عِنْدهم بِشَيْء مِمَّا قدمْنَاهُ

وَإِنَّمَا عنيت من الشَّرِيعَة بِأحد ثَلَاثَة أوجه إِمَّا بِأَلْفَاظ ينقلون ظَاهرهَا وَلَا يعْرفُونَ مَعَانِيهَا وَلَا يهتمون بفهمها وَإِمَّا بمسائل من الْأَحْكَام لَا يشتغلون بدلائلها ومنبعثها وَإِنَّمَا حسبهم مِنْهَا مَا أَقَامُوا بِهِ ٨ جاههم وحالهم وَإِمَّا بخرافات منقولة عَن كل ضَعِيف وَكَذَّاب وساقط لم يهتبلوا قطّ بِمَعْرِِفَة صَحِيح مِنْهَا من سقيم وَلَا مُرْسل من مُسْند وَلَا مَا نقل عَن النَّبِي ص = مِمَّا نقل عَن كَعْب الْأَحْبَار ووهب بن مُنَبّه عَن أهل الْكتاب

فَنَظَرت الطَّائِفَة الأولى إِلَى هَذِه الْآخِرَة بِعَين الاستهجان والاحتقار والاستجهال فَتمكن الشَّيْطَان مِنْهُم وَحل فيهم حَيْثُ أحب فهلكوا وَضَلُّوا واعتقدوا أَن دين الله لَا يَصح مِنْهُ شَيْء وَلَا يقوم عَلَيْهِ دَلِيل فَاعْتقد أَكْثَرهم الْإِلْحَاد وَاسْتِعْمَال الْفَرَائِض والعبادات وآثروا الراحات وركوب اللَّذَّات وقصدوا كسب المَال كَيفَ تيَسّر وظلم الْعباد وَتَدين الْأَقَل مِنْهُم بتعظيم الْكَوَاكِب فأسفت نفس الْمُسلم الناصح لهَذِهِ الْملَّة وَأَهْلهَا على هَلَاك هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين وخروجهم عَن جملَة الْمُؤمنِينَ بعد أَن غذوا بلبان الْإِسْلَام ونشئوا فِي حجور أَهله

<<  <  ج: ص:  >  >>