للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتجوير وأمالوهم إِلَى التَّثْنِيَة وزينوا عِنْدهم سيرة ماني حَتَّى اعتصموا بحبله

وَهُوَ رجل غير مقتصر على جهالاته فِي مذْهبه دون الْكَلَام فِي هَيْئَة الْعَالم بِمَا يُنبئ عَن تمويهاته وانتشر ذَلِك فِي الْأَلْسِنَة وانضاف إِلَى مَا تقدم من المكايد الْيَهُودِيَّة فَصَارَ رَأيا مَنْسُوبا إِلَى الْإِسْلَام سُبْحَانَ الله عَن مثله وَالَّذِي يُخَالِفهُ ويتمسك بِالْحَقِّ المطابق لِلْقُرْآنِ فِيهِ موسوما بالْكفْر والإلحاد مَحْكُومًا على دَمه بالإراقة غير مرخص فِي سَماع كَلَامه وَهُوَ دون مَا يسمع من كَلَام فِرْعَوْن {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} {مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي} وتطاول العصبية رُبمَا يمِيل عَن الطَّرِيقَة المثلى للحمية وَالله يثبت قدم من يَقْصِدهُ ويقصد الْحق فِيهِ

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حزم فِي كتاب الْفَصْل فِي الْملَل والأهواء والنحل ذكر فُصُول يعْتَرض بهَا جهلة الْمُلْحِدِينَ على ضعفاء الْمُسلمين

قَالَ أَبُو مُحَمَّد إِنَّا لما تدبرنا أَمر طائفتين مِمَّن شاهدنا فِي زَمَاننَا هَذَا وجدناهما قد تفاقم الدَّاء بهما فإمَّا إِحْدَاهمَا فقد جلت الْمُصِيبَة فِيهَا وَبهَا وهم قوم افتتحوا عنفوان فهمهم وابتدؤا دُخُولهمْ إِلَى المعارف بِطَلَب علم الْعدَد وبرهانه وطبائعه ثمَّ تدرجوا إِلَى تَعْدِيل الْكَوَاكِب وهيئة الأفلاك وَفِيمَا دون ذَلِك من الطبيعيات وعوارض الجو ومطالعة شَيْء من كتب الْأَوَائِل وحدودها الَّتِي نصبت فِي الْكَلَام وَمَا مازج بعض مَا ذكرنَا من آراء الفلاسفة فِي الْقَضَاء بالنجوم وَأَنَّهَا ناطقة مُدبرَة وَكَذَلِكَ الْفلك

فأشرقت هَذِه الطَّائِفَة من أَكثر مَا طالعت مِمَّا ذكرنَا على أَشْيَاء صِحَاح يراهنها ضَرُورِيَّة لائحة وَلم يكن مَعهَا من جودة القريحة وصفاء النّظر مَا تعلم بِهِ أَن من أصَاب فِي عشرَة آلَاف مَسْأَلَة مثلا جَائِز أَن يُخطئ فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة لَعَلَّهَا أسهل من الْمسَائِل الَّتِي أصَاب فِيهَا فَلم تفرق هَذِه الطَّائِفَة بَين مَا صَحَّ مِمَّا طالعوه بِحجَّة برهانية وَبَين مَا فِي أثْنَاء ذَلِك وتضاعيفه مِمَّا لم يَأْتِ عَلَيْهِ من ذكره من الْأَوَائِل إِلَّا بإقناع أَو بشغب أَو بتقليد لَيْسَ مَعَه شَيْء مِمَّا ذكرنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>