للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منا وَمن نظر فِي كتب الْكَلَام أَو الْأُصُول تبين لَهُ أَنهم لَا يُنكرُونَ الْأَخْذ بِالْحَدِيثِ مُطلقًا كَمَا توهمه عبارَة أنَاس يُرِيدُونَ التنفير مِنْهُم مَعَ أَن التنفير مِنْهُم يُمكن أَن يحصل بِغَيْر الافتراء عَلَيْهِم وَنسبَة مَا لَا يَقُولُونَ بهم إِلَيْهِم

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة قد عرفت أَن الْعلمَاء الْأَعْلَام قد أَنْكَرُوا إنكارا شَدِيدا على الَّذين يروون الْأَحَادِيث الضعيفة من غير بَيَان لِضعْفِهَا وَأما من رَوَاهَا مَعَ بَيَان ضعفها فَلم ينكروا عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَن رِوَايَة كثير من عُلَمَاء الحَدِيث للأحاديث الضعيفة لم تكن تَخْلُو عَن فَائِدَة مهمة

قَالَ الْعَلامَة النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم قد ذكر مُسلم فِي هَذَا الْبَاب أَن الشّعبِيّ روى عَن الْحَارِث الْأَعْوَر وَشهد أَنه كَاذِب وَعَن غَيره حَدثنِي فلَان وَكَانَ مُتَّهمًا وَعَن غَيره الرِّوَايَة عَن المغفلين والضعفاء والمتروكين فقد يُقَال لم حدث هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة عَن هَؤُلَاءِ مَعَ علمهمْ بِأَنَّهُم لَا يحْتَج بهم

وَيُجَاب عَنهُ بأجوبة أَحدهَا أَنهم رووها ليعرفوها وليبينوا ضعفها لِئَلَّا يلتبس فِي وَقت عَلَيْهِم أَو على غَيرهم أَو يتشككوا فِي أمرهَا

الثَّانِي أَن الضَّعِيف يكْتب حَدِيثه ليعتبر بِهِ أَو يستشهد كَمَا قدمْنَاهُ فِي فصل المتابعات وَلَا يحْتَج بِهِ على انْفِرَاده

الثَّالِث أَن رِوَايَات الرَّاوِي الضَّعِيف يكون فِيهَا الصَّحِيح والضعيف وَالْبَاطِل فيكتبونها ثمَّ يُمَيّز أهل الحَدِيث والإتقان بعض ذَلِك من بعض وَذَلِكَ سهل عَلَيْهِم مَعْرُوف عِنْدهم وَبِهَذَا احْتج سُفْيَان الثَّوْريّ حِين نهى عَن الرِّوَايَة عَن الْكَلْبِيّ فَقيل لَهُ أَنْت تروي عَنهُ فَقَالَ أَنا أعلم صدقه من كذبه

الرَّابِع أَنهم قد يروون عَنْهُم أَحَادِيث التَّرْغِيب والترهيب وفضائل الْأَعْمَال والقصص والزهد وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يتَعَلَّق بالحلال وَالْحرَام وَسَائِر

<<  <  ج: ص:  >  >>