على غلط أَو اخْتِلَاف رِوَايَة أَو نُسْخَة أَو نَحْو ذَلِك فَقَالَ بَعضهم إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن يخرج لَهُ لِئَلَّا يدْخل اللّبْس ويحسب من الأَصْل وَإنَّهُ لَا يخرج إِلَّا لما هُوَ من نفس الأَصْل لَكِن يَجْعَل على ذَلِك الْحَرْف الْمَقْصُود عَلامَة كالضبة والتصحيح لتدل عَلَيْهِ
وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن كلا من الضبة والتصحيح اصْطلحَ بِهِ لغير ذَلِك فخوف اللّبْس أَيْضا حَاصِل بل هُوَ فِيهِ أقرب
وَقَالَ بَعضهم يَنْبَغِي أَن يخرج لَهُ لَكِن على نفس الْكَلِمَة الَّتِي من أجلهَا كتبت الْحَاشِيَة لَا بَين الْكَلِمَتَيْنِ
قَالَ ابْن الصّلاح التَّخْرِيج أولى وأدل وَفِي نفس هَذَا الْمخْرج مَا يمْنَع الالتباس
ثمَّ هَذَا التَّخْرِيج يُخَالف التَّخْرِيج لما هُوَ من نفس الأَصْل فِي أَن خطّ ذَاك الخريج يَقع بَين الْكَلِمَتَيْنِ بَينهمَا سقط السَّاقِط وَخط هَذَا التَّخْرِيج يَقع على نفس الْكَلِمَة الَّتِي من أجلهَا خرج الْمخْرج فِي الْحَاشِيَة وَالله أعلم
وَقد جرت عَادَة كثير من الْكتاب أَن يشيروا إِلَى الْحَاشِيَة بِالْحَاء الْمُهْملَة مُفْردَة وَقد يمدونها وَقد يَكْتُبُونَ لفظ حَاشِيَة بِدُونِ نقط
وَإِلَى النُّسْخَة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مُفْردَة ويلتزمون نقطها لِئَلَّا تشتبه بالحاشية وَقد يَكْتُبُونَ لفظ نُسْخَة وَالْأَكْثَر كتَابَتهَا على صُورَة غير وَاضِحَة مَعَ عدم النقط لتَكون كالرمز
وَيَنْبَغِي أَن يُلَاحظ فِي الْحَوَاشِي عدم كتَابَتهَا بَين السطور لَا سِيمَا إِن كَانَت ضيقَة وَترك شَيْء من جَوَانِب الورقة وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء فِي الْحَث على اقتناء الْكتب الجيدة الْخط والضبط
(خير مَا يقتني اللبيب كتاب ... مُحكم النَّقْل متقن التَّقْيِيد)
(خطه عَارِف نبيل وعاناه ... فصح التبييض بالتسويد)
(لم يخفه إتقان نقط وشكل ... لَا وَلَا عابه لحاق الْمَزِيد)
(فَكَأَن التَّخْرِيج فِي طرتيه ... طرر صففت ببيض الخدود)