القَوْل الثَّامِن قَول من أجَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى للصحابة وَالتَّابِعِينَ فَقَط وَمنع من ذَلِك غَيرهم
قَالَ لِأَن الحَدِيث إِذا قَيده الْإِسْنَاد وَجب أَن لَا يخْتَلف لَفظه فيدخله الْكَذِب وَذَلِكَ لِأَن الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لَا سِيمَا إِن تعدد الراوون بهَا توجب رِوَايَة الحَدِيث على وُجُوه شَتَّى مُخْتَلفَة فِي اللَّفْظ وَالِاخْتِلَاف فِي اللَّفْظ كثيرا مَا يُوجب الِاخْتِلَاف فِي الْمَعْنى وَإِن كَانَ يَسِيرا بِحَيْثُ لَا يشْعر بِهِ إِلَّا قَلِيل من أهل الْفضل والنبل وَالِاخْتِلَاف فِي الْمَعْنى يدل على أَن ذَلِك الحَدِيث لم يرو كَمَا يَنْبَغِي بل وَقع خطأ فِي بعض رواياته أَو فِي جَمِيعهَا فَيكون فِيهَا مَا لم يقلهُ النَّبِي ص =
وَهَذَا الْمَحْذُور إِنَّمَا يظْهر بعد تدوين الحَدِيث وتقييده بِالْإِسْنَادِ فَإِذا منع أَتبَاع التَّابِعين فَمن بعدهمْ من الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لم يظْهر ذَلِك الْمَحْذُور هَذَا فحوى كَلَامه
هَذَا وَقد كَانَ التابعون فريقين فريق يُورد الْأَحَادِيث بألفاظها وفريق يوردها بمعانيها رُوِيَ عَن ابْن عون أَنه قَالَ كَانَ الْحسن وَإِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ يأْتونَ بِالْحَدِيثِ على الْمعَانِي وَكَانَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَابْن سِيرِين ورجاء بن حَيْوَة يعيدون الحَدِيث على حُرُوفه
وَرُوِيَ عَن سُفْيَان أَنه قَالَ كَانَ عَمْرو بن دِينَار يحدث الحَدِيث على الْمَعْنى وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن ميسرَة لَا يحدث إِلَّا على مَا سمع
وَهنا تمت الْأَقْوَال الثَّمَانِية الَّتِي قيلت فِي أَمر الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى
وَقد ذكر بَعضهم قولا تاسعا وَهُوَ قَول من قَالَ تجوز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى إِن كَانَ مُوجب الحَدِيث علما فَإِن كَانَ مُوجبه عملا لم تجز فِي بعض كَحَدِيث أبي دَاوُد وَغَيره مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور وتحليلها التَّسْلِيم
وَحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ خمس من الدَّوَابّ كُلهنَّ فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم الْغُرَاب والحدأة وَالْعَقْرَب والفأرة وَالْكَلب الْعَقُور
وَتجوز فِي بعض وَقد أشكل هَذَا القَوْل على كثير من الباحثين وَذَلِكَ لِأَن مُوجب الحَدِيث كَانَ علما يجب الِاحْتِيَاط فِيهِ كثيرا لِأَن الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى كثيرا مَا لَا تكون وافية