للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مضموما جعلُوا عَلامَة مده الْوَاو وَإِن كَانَ مكسورا جعلُوا عَلامَة مده الْيَاء

وَقد غفل عَن هَذَا الْأَمر الَّذِي انتبه لَهُ الْعَرَب من أول الْأَمر كثير من الْأُمَم الَّتِي لَهَا عناية شَدِيدَة بِأَمْر الْكِتَابَة حَتَّى إِنَّهُم لم يضعوا لَهُ عَلامَة أصلا

وَقد أصبح الْخط الْعَرَبِيّ بعد وضع علائم الحركات مَعَ النقط وافيا بِتمَام الْغَرَض بِحَيْثُ صَارَت الْكَلِمَات الْعَرَبيَّة يقْرؤهَا الْوَاقِف على حروفها وحركاتها من غير توقف

وَهَذِه المزية قَلما تُوجد فِي خطّ أمة من الْأُمَم حَتَّى إِن بعض الْأُمَم الْمُتَقَدّمَة فِي الْعُلُوم والمعارف يحْتَاج الْمَرْء بعد تعلم خطها أَن يتَعَلَّم قِرَاءَة جلّ الْكَلِمَات الَّتِي فِي لغتهم كلمة كلمة حَتَّى يَتَيَسَّر لَهُ بعد ذَلِك أَن يقْرَأ فِي كتبهمْ قِرَاءَة خَالِيَة من الشوائب إِلَّا أَن كِتَابَة مثل اللُّغَة الفارسية بهَا لَا يَخْلُو من إِشْكَال لمُخَالفَة طباع اللُّغَات السامية لطباع غَيرهَا من سَائِر اللُّغَات

وَمِمَّا يستغرب أَن الْأُمَم الغربية مَعَ اتِّفَاقهم فِي صور الْحُرُوف الهجائية قد اخْتلفُوا فِي لفظ كثير مِنْهَا فترى كثيرا من الْأَلْفَاظ إِذا كتبت بحروفهم يقْرؤهَا كل فريق مِنْهُم على وَجه يُخَالف غَيره

وعَلى ذَلِك فَلَا تستغرب اخْتلَافهمْ فِي أَسمَاء كثير من المدن وَنَحْوهَا

وَقد نَشأ من ذَلِك أَن صَار أغلب الْأَلْفَاظ المصورة بحررفهم إِذا كَانَ من اللُّغَات الغربية عِنْدهم كالصينية والهندية والفارسية مَجْهُولا لَا يعرف كَيفَ يلفظ بِهِ عِنْد أَهله وَذَلِكَ أَن الَّذين تلقوا أَولا تِلْكَ الْأَلْفَاظ من العارفين بهَا قد كتبوها على مُقْتَضى اصطلاحهم فَإِذا قَرَأَهَا غَيرهم من الْأُمَم الْأُخْرَى قَرَأَهَا كل فريق مِنْهُم على مُقْتَضى اصْطِلَاحه

فَنَشَأَ من ذَلِك اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِم كَمَا اتَّفقُوا فِي صور الْحُرُوف مَعَ اخْتِلَاف لغاتهم أَن يتفقوا على مَا تدل عَلَيْهِ بِحَيْثُ إِنَّه إِذا كتبت كلمة بحروفهم أَن تكون قراءتهم لَهَا على وَجه وَاحِد واتفاقهم فِي هَذَا الْأَمر أهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>