للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اتِّفَاقهم فِي أُمُور تتَعَلَّق بِالْأَكْلِ وَالشرب واللباس وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يتَعَلَّق ضَرَر عَظِيم باختلافه

وَقد نَشأ من اخْتلَافهمْ اخْتِلَاف كتبة الْعَرَب فِي هَذَا الْعَصْر فِي بعض الْأَلْفَاظ الأعجمية الْمَأْخُوذَة من اللاتينية أَو اليونانية فَإِن كل فريق مِنْهُم ينْطق بهَا كَمَا ينْطق بهَا الْقَوْم الَّذين تلقى عَنْهُم ذَلِك وَهُوَ مُخْتَلفُونَ فِيهِ

وَقد تصدى بَعضهم لتغيير بعض الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة فِي الْكتب الْعَرَبيَّة الْقَدِيمَة مَعَ أَنَّهَا أقرب إِلَى الأَصْل فليحذر من ذَلِك وليترك الْقَدِيم على حَاله ولينتبه إِلَى غَيره حَتَّى لَا يبعد عَن أَصله بعدا شاسعا

ولنذكر لَك أمرا رُبمَا تستغربه جدا وَهُوَ أَن اللُّغَة اللاتينية وَهِي اللُّغَة العلمية الْمُتَّفق عَلَيْهَا بَينهم لَا يتفقون فِي أَمر التَّلَفُّظ بهَا حَتَّى إِنَّه قد يتكالم بهَا اثْنَان مِنْهُم فَلَا يفهم أَحدهمَا مَا يَقُول لَهُ الآخر وَهَذِه عَثْرَة لَا تقال

وَقد وَقع فِي خطّ السريانيين شَيْء من الشوائب توجب الْإِشْكَال فِيهِ فِي كثير من الْمَوَاضِع وَهُوَ أَنهم كثيرا مَا يَكْتُبُونَ من الْحُرُوف مَا لَا يقْرَأ وَذَلِكَ أَن لغتهم كَانَ قد أَصَابَهَا مَعَ طول الْعَهْد بعض تغير فَسقط بعض الْحُرُوف من بعض الْكَلِمَات غير أَن الكتبة لم يُحِبُّوا أَن يسقطوا تِلْكَ الْحُرُوف من الْكِتَابَة لِئَلَّا يخالفوا من كَانَ قبلهم من أسلافهم فِي كتَابَتهَا فأبقوها على حَالهَا غير أَنهم يسقطونها حَال الْقِرَاءَة وَلَا يلفظون بهَا وَهَذَا يدل على أَنهم كَانُوا يَكْتُبُونَ قبل سُقُوط تِلْكَ الْحُرُوف فَيكون أَمر الْكِتَابَة عِنْدهم قديم الْعَهْد

وَأما العبرانيون فَإِنَّهُم كالعرب لَا يَكْتُبُونَ إِلَّا مَا يلفظون بِهِ وَمَا وَقع من الْعَرَب على خلاف ذَلِك فَإِنَّهُ قَلِيل لَا يذكر وَذَلِكَ كواو أُولَئِكَ وَألف مائَة

وَأما الْأُمَم الْأُخْرَى فقد أفرطت فِي ذَلِك فَكَأَنَّهَا جعلت الأَصْل فِي الْكِتَابَة تَصْوِير اللَّفْظ بصورته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا من قبل فَصَارَ من يُرِيد أَن يتَعَلَّم الْقِرَاءَة فِي لغتهم يحْتَاج بعد إتقان مبادئ الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة أَن يتَعَلَّم قِرَاءَة مَا لَا يُحْصى من الْكَلِمَات كلمة كلمة حَتَّى تتيسر لَهُ الْقِرَاءَة على وَجه لَا شَائِبَة فِيهِ فحاكوا بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>