ثمَّ لَا يستريب عَاقل فِي أَن فِي الدُّنْيَا بَلْدَة تسمى بَغْدَاد وَإِن لم يدخلهَا وَلَا يشك فِي وجود النبياء بل وَلَا فِي وجود الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة رحمهمَا الله بل وَلَا فِي الدول والوقائع الْكَبِيرَة
فَإِن قيل لَو كَانَ مَعْلُوما ضَرُورَة لما خالفناكم قُلْنَا من يُخَالف فِي هَذَا فَإِنَّمَا يُخَالف بِلِسَانِهِ أَو عَن خبط فِي عقله أَو عَن عناد وَلَا يصدر إِنْكَار هَذَا من عدد كثير يَسْتَحِيل إنكارهم فِي الْعَادة لما علموه وعنادهم وَلَو تركنَا مَا علمناه لقولكم للزمكم ترك المحسوسات لخلاف السوفسطائية اهـ
وَقد أَشَارَ فِي فيصل التَّفْرِقَة بَين الْإِسْلَام والزندقة إِلَى أَمر اشْتِبَاه الْمَشْهُور بالتواتر على من لم يمعن النّظر فَقَالَ فِي أثْنَاء بَيَان الْأُمُور الْخَمْسَة الَّتِي يجب على من يَخُوض فِي التَّكْفِير أَن ينظر فِيهَا قبل الْإِقْدَام عَلَيْهِ
الثَّانِي فِي النَّص الْمَتْرُوك أَنه ثَبت تواترا أَو آحادا أَو بِالْإِجْمَاع فَإِن ثَبت تواترا فَهَل هُوَ على شَرط التَّوَاتُر أم لَا إِذْ رُبمَا يظنّ المستفيض متواترا وحد التَّوَاتُر مَا لَا يُمكن الشَّك فِيهِ كَالْعلمِ بِوُجُود الْأَنْبِيَاء وَوُجُود الْبِلَاد الْمَشْهُورَة وَغَيرهَا وَأَنه متواتر فِي الْأَعْصَار كلهَا عصرا بعد عصر إِلَى زمَان النُّبُوَّة وَهل يتَصَوَّر ان يكون قد نقص عدد التَّوَاتُر فِي عصر من الْأَعْصَار
وَالشّرط فِي الْمُتَوَاتر أَن لَا يحْتَمل ذَلِك كَمَا فِي الْقُرْآن أما فِي غير الْقُرْآن فيغمض مدرك ذَلِك جدا وَلَا يسْتَقلّ بإدراكه إِلَّا الباحثون عَن كتب التواريخ وأحوال