فَإِن الْوَقْف عَلَيْهِ الْحسن لِأَن المُرَاد مَعْقُول غير أَنه لَا يحسن الِابْتِدَاء بِمَا بعده فَلَا بُد من أَن يُعِيد مَا قبله ليتسق بذلك الْكَلَام وَنَحْو الْوَقْف على {رب الْعَالمين} فَإِنَّهُ يحسن الْوَقْف عَلَيْهِ وَلَا يحسن الِابْتِدَاء بِمَا بعده إِلَّا عِنْد أنَاس قَالُوا إِذا كَانَ رَأس آيَة كَمَا هُنَا جَازَ ذَلِك بل قَالَ بَعضهم إِن الْأَفْضَل الْوَقْف على رُؤُوس الْآيَات وَإِن تعلّقت بِمَا بعْدهَا اتبَاعا لهدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
استدلوا على ذَلِك بِمَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ قطع آيَة آيَة يَقُول {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} ثمَّ يقف ثمَّ يَقُول {الْحَمد لله رب الْعَالمين} ثمَّ يقف ثمَّ يَقُول {الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ساكتا عَلَيْهِ وَالتِّرْمِذِيّ وَأحمد وَغَيرهم وَهُوَ حَدِيث حسن وَسَنَده صَحِيح
وَالَّذِي مَال إِلَيْهِ أَكثر الباحثين فِي الْوَقْف أَن كل مَوضِع يتَعَلَّق بِهِ مَا بعده من جِهَة اللَّفْظ لَا يسوغ إِن وقف عَلَيْهِ أَن يبتدأ بِمَا بعده وَلَو كَانَ رَأس آيَة
قَالَ الْعمانِي النَّاس مُخْتَلفُونَ فِي الْوَقْف فَمنهمْ من قَالَ هُوَ على الأنفاس فَإِذا انْقَطع النَّفس فِي التِّلَاوَة فَعنده الْوَقْف فكأنهم جعلُوا الْوَقْف تَابعا لمقطع الأنفاس / وجعلوها الأَصْل وَالْوُقُوف مبنيه عَلَيْهَا
وَقَالَ آخَرُونَ الفواصل كلهَا مقاطع فَكل رَأس هُوَ وقف وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقطع قِرَاءَته آيَة آيَة وَبِمَا رُوِيَ عَن أبي عَمْرو وَعَامة الْأَئِمَّة أَن الْوَقْف على رَأس الْآيَة تَامّ وكاف وَحسن
ثمَّ قَالَ وَأَعْدل الْأَقْوَال عندنَا أَن الْوَقْف قد يكون فِي أوساط الْآي وَقد يكون فِي أواخرها والأغلب فِي رُؤُوس الْآي أَنَّهَا وقف عِنْدهَا وأكثرها فِي السُّور ذَوَات الْآي الْقصار كسورة مَرْيَم وطه وَالشعرَاء وَالصَّافَّات وَنَحْوهَا أَلا ترى أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute