للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة وَالصِّفَات {أَلا إِنَّهُم من إفكهم ليقولون} هُوَ رَأس آيَة وَمَعَ ذَلِك لَا يجوز الْوَقْف عَلَيْهِ لِأَن الِابْتِدَاء بِمَا بعده يُؤَدِّي إِلَى قبح فَاحش

وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الزخرف {أبوابا وسررا عَلَيْهَا يتكؤون} هُوَ رَأس آيَة وَلَيْسَ بوقف لِأَن قَوْله {وزخرفا} مَعْطُوف على مَا قبله وَلم تكْثر المعطوفات هَا هُنَا فَيجوز لطول الْكَلَام فَإِن وقف على قَوْله {وزخرفا} تمّ الْكَلَام وَحسن الْوَقْف عَلَيْهِ وَمن هَذَا فِي الْقُرْآن كثير ذكرت نبذا مِنْهُ ليقاس عَلَيْهِ

قَالَ أَبُو حَاتِم أَكثر أَوَاخِر الْآي من أول الْقُرْآن إِلَى أَخّرهُ تَامّ أَو كَاف أَو صَالح أَو مَفْهُوم إِلَّا الشَّيْء بعد الشَّيْء

وَهَذَا الَّذِي اسْتَثْنَاهُ هُوَ مَا ذكرته لَك وَلذَلِك قلت كتب الْوَقْف فَلم تكْثر كَثْرَة كتب الْقِرَاءَة لأَنهم اقتصروا على غير الفواصل الَّتِي اعتقدوا فِيهَا أَنَّهَا مقاطع فَكل من عمل من الْمُتَقَدِّمين كتابا فِي الْوَقْف فَإِنَّمَا أورد فِيهِ الْوُقُوف الَّتِي فِي أواسط الْآي وَلم يتَعَرَّضُوا لغَيْرهَا من الفواصل إِلَّا الْيَسِير أَرَادوا أَن يرخصوا للقارئ الْوَقْف فِي أواسط الْآي كَمَا جَازَ لَهُ الْوَقْف على أواخرها لِأَن الْآيَة رُبمَا طَالَتْ فَلم يبلغ النَّفس آخرهَا وَلِئَلَّا يتَوَهَّم أَن انْقِطَاع الأنفاس إِنَّمَا يكون عِنْد أَوَاخِر الْآيَات دون أواسطها فيضيق الْأَمر بِهِ عِنْد الْقَارئ ١ هـ

وَمِمَّنْ جرى على هَذَا القَوْل الْعَلامَة السجاوندي وَلذَا كتب فَوق كثير من الفواصل لَا قَالَ الْعَلامَة ابْن الْجَزرِي فِي النشر قَول أَئِمَّة الْوَقْف لَا يُوقف على كَذَا مَعْنَاهُ أَنه لَا يبتدأ بِمَا بعده إِذْ كل مَا أَجَازُوا الْوَقْف عَلَيْهِ أَجَازُوا الِابْتِدَاء بِمَا بعده وَقد أَكثر السجاوندي من هَذَا الْقسم وَبَالغ فِي كِتَابَة لَا وَالْمعْنَى عِنْده لَا تقف وَكثير مِنْهُ يجوز الِابْتِدَاء بِمَا بعده وَأكْثر يجوز الْوَقْف عَلَيْهِ

وَقد توهم من لَا معرفَة لَهُ من مقلدي السجاوندي أَن منهعه من الْوَقْف على ذَلِك يَقْتَضِي أَن الْوَقْف عَلَيْهِ قَبِيح ي لَا يحسن الْوَقْف عَلَيْهِ وَلَا الِابْتِدَاء بِمَا بعده وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ من الْحسن يحسن الْوَقْف عَلَيْهِ وَلَا يحسن الِابْتِدَاء بِمَا بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>