للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّهُ تَامّ عِنْد من جعل مَا بعده مستأنفا وَهُوَ الرَّاجِح وَغير تَامّ عِنْد من جعله مَعْطُوفًا فَيكون الْوَقْف التَّام عِنْد {الراسخون فِي الْعلم} وَبَين الوقفين هَا مراقبة وَنَحْو قَوْله تَعَالَى {هدى لِلْمُتقين} فَإِن الْوَقْف فِيهِ حسن إِن جعلته {الَّذين} فِي {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} مجرورا على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره هم وتام إِن جعلته مَرْفُوعا على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره {أُولَئِكَ على هدى من رَبهم}

مِثَال اخْتِلَاف الْوَقْف باخْتلَاف الْقِرَاءَة نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس وَأمنا} فَإِن الْوَقْف فِيهِ تَامّ على قِرَاءَة من كسر الْخَاء من {وَاتَّخذُوا} وَغير تَامّ بل كَاف على قِرَاءَة من فتحهَا وَنَحْو قَوْله تَعَالَى {يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} فَإِنَّهُ كَاف على قِرَاءَة من رفع {فَيغْفر} {ويعذب} وَحسن على قِرَاءَة من جزم

وَقد يخْتَلف الْوَقْف باخْتلَاف الْمَذْهَب نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} فَإِن الْوَقْف هُنَا لَازم عِنْد من ذهب إِلَى أَن شَهَادَة القاذفين لَا تقبل وَإِن تَابُوا غير لَازم عِنْد من ذهب إِلَى أَن شَهَادَتهم تقبل إِذا تَابُوا

وَقد سبق ذكر المراقبة ومرادهم بهَا أَن يكون فِي الْآيَة وقفان لَا يسوغ للقارىء أَن يجمع بَينهمَا لتنافيهما وَإِنَّمَا يسوغ لَهُ أَن يَأْتِي بِأَحَدِهِمَا دون الآخر

وَقد جعل بعض الْكتاب عَلامَة المراقبة بَين الوقفين واوين مقلوبين متقابلتين وَجعل من أمثله ذَلِك قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ}

التَّنْبِيه الثَّالِث لَا يقوم بِأَمْر الْوَقْف حق الْقيام إِلَّا نحوي بارع فِي علم التَّفْسِير وَاقِف على أسرار البلاغة وَقد تصدى لهَذَا الْأَمر الْعَظِيم أنَاس مِمَّن لَا يحسنونه فخبطوا فِيهِ خبط عشواء فِي لَيْلَة ظلماء فَلَا يَنْبَغِي أَن يعْتَمد على كل قَول يذكر فِيهِ كَقَوْل من أجَاز أَن يقف الْقَارئ على قَوْله تَعَالَى {فانتقمنا من الَّذين أجرموا وَكَانَ حَقًا}

<<  <  ج: ص:  >  >>