) ثمَّ يَبْتَدِئ وَيَقُول {علينا نصر الْمُؤمنِينَ} وقج حذر الْمُحَقِّقُونَ من مثل ذَلِك
قَالَ ابْن الْجَزرِي لَيْسَ كل مَا يتعسفه بعض المعربين أَو يتكلفه بعض الْقِرَاءَة أَو يتأوله بعض أهل الْأَهْوَاء مِمَّا يَقْتَضِي وَقفا وَقفا أَو ابْتِدَاء يَنْبَغِي أَن يتَعَمَّد الْوُقُوف عَلَيْهِ بل يَنْبَغِي تحري الْمَعْنى الأتم وَالْوَقْف الْأَوْجه وَمن ثمَّ لم يسغْ أَن يقف على {وارحمنا أَنْت} ثمَّ يَبْتَدِئ فَيَقُول {بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم} على معنى الْقسم وَلَا على {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء} ثمَّ يبتدىء فَيَقُول {الله رب الْعَالمين} فَإِن هَذَا وَمَا أشبهه تعسف وتمحل وتحريف للكلم عَن موَاضعه
وَقَالَ بعض الْعلمَاء يَنْبَغِي لمن عرف الْعَرَبيَّة وَنظر فِي كتب التَّفْسِير وَكَانَ من أولي الْفَهم أَن ينظر فِي الْمَوَاضِع الَّتِي اخْتلف الْعلمَاء فِي أَمر الْوَقْف فِيهَا فَإِن ترجح عِنْده شَيْء أَخذ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يقف هُنَالك وليتجاوزه إِلَى غَيره من الْمَوَاضِع الَّتِي يحسن الْوُقُوف عَلَيْهَا والابتداء بِمَا بعْدهَا بِلَا خلاف بَين الْمُحَقِّقين فَهُوَ أسلم
التَّنْبِيه الرَّابِع قد عرفت أَن الْمُحدثين يجْعَلُونَ بَين الْحَدِيثين دارة للفصل بَينهمَا وَأَن بَعضهم كَانَ يخلي بَقِيَّة السطر من الْكِتَابَة ليَكُون الْبيَاض الَّذِي فِيهِ مُؤَكد اللفصل فَإِن الْبيَاض فِي جَمِيع الْمَوَاضِع وَاحِدًا والحذاق مِنْهُم يجعلونه مُخْتَلفا باخْتلَاف الْمَوَاضِع مراعين فِيهِ مَا يَقْتَضِيهِ الْموضع
وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك ابْن السَّيِّد حَيْثُ قَالَ والفصل إِنَّمَا يكون بعد تَمام الْكَلَام الَّذِي ابتدىء بِهِ واستئناف كَلَام غَيره وسعة الْفُصُول وضيقها على مِقْدَار تناسب الْكَلَام فَإِن كَانَ القَوْل المستأنف مشاكلا لِلْقَوْلِ الأول بِمَعْنى مِنْهُ جعل الفص صَغِيرا وَإِن كَانَ مباينا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute