للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِالْكُلِّيَّةِ جعل الْفَصْل أكبر من ذَلِك فَأَما الْفَصْل قبل تَمام القَوْل فَهُوَ أعيب الْعُيُوب على الْكَاتِب والوراق جَمِيعًا وَترك الْفُصُول عِنْد تَمام الْكَلَام عيب أَيْضا إِلَّا أَنه دون الأول

وَقد أورد صَاحب الصناعتين كثيرا مِمَّا قيل فِي الْوَصْل والفصل وَقد أَحْبَبْت أَن أورد من ذَلِك شَيْئا ليعلم المعرضون عَن مراعاتها مَا كَانَ لَهما قَدِيما من حسن الرِّعَايَة

قَالَ قيل للفارسي مَا البلاغة فَقَالَ معرفَة الْفَصْل من الْوَصْل وَقَالَ الْمَأْمُون لبَعْضهِم من أبلغ النَّاس فَقَالَ من قرب الْأَمر الْبعيد المتناول الصعب الدَّرك بالألفاظ الْيَسِيرَة فَقَالَ مَا عدل سهمك عَن الْغَرَض وَلَكِن البليغ من كَانَ كَلَامه فِي مِقْدَار حَاجته وَلَا يجيل الْفِكر فِي اجتلاب الْغَرِيب الوحشي وَلَا السَّاقِط السوقي وَإِن البلاغة إِذا اعتزلتها الْمعرفَة بمواضع الْفَصْل والوصل كَانَت كاللآلئ بِلَا نظام

وَقَالَ الْمَأْمُون مَا أعجب بِكَلَام أحد كإعجابي بِكِتَاب الْقَاسِم بن عِيسَى فَإِنَّهُ يوجز فِي غير عجز ويصيب مفاصل الْكَلَام وَلَا تَدعُوهُ الْمقدرَة إِلَى الإطناب وَلَا تميل بِهِ الغزارة إِلَى الإسهاب ويجلي عَن مُرَاده فِي كتبه ويصيب المغزي فِي أَلْفَاظه

وَكَانَ أَكْثَم بن صَيْفِي إِذا كَاتب مُلُوك الْجَاهِلِيَّة يَقُول لكتابه افصلوا بَين منقضي كل معنى وصُولا إِذا كَانَ الْكَلَام معجونا بعضه بِبَعْض وَكَانَ الْحَارِث بن شمر الغساني يَقُول لكَاتبه المرقش إِذا نزع بك الْكَلَام إِلَى الِابْتِدَاء بِمَعْنى غير مَا أَنْت فِيهِ فافصل بَينه وَبَين تبيعته من الْأَلْفَاظ فَإنَّك إِن مذقت ألفاظك بِغَيْر مَا يحسن أَن يمذق نفرت الْقُلُوب عو وعيها وملته الأسماع واستثقلته الروَاة

<<  <  ج: ص:  >  >>