للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيمَا لم يقم على حكمه عندنَا دَلِيل وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصّفة فَلَا تحل الْفتيا فِيهِ لمن لم يلح لَهُ وَجهه وَلَا شكّ أَن عِنْد غَيرنَا بَيَان مَا جهلناه كَمَا ان عندنَا بَيَان كثير مِمَّا جَهله غَيرنَا وَلم يعر بشر من نقص أَو نِسْيَان أَو غَفلَة

وَإِذا قَامَ الْبُرْهَان عِنْد الْمَرْء على صِحَة قَول مَا قيَاما صَحِيحا فحقه التدين بِهِ والفتيا بِهِ وَالْعَمَل بِهِ وَالدُّعَاء إِلَيْهِ وَالْقطع بِأَنَّهُ الْحق عِنْد الله عز وَجل وَلَيْسَ من هَذَا الحكم بِشَهَادَة العدلين وهما قد يكونَانِ فِي بَاطِن أَمرهمَا عِنْد الله كاذبين أَو مغفلين إِذْ لم يكلفنا الله تَعَالَى معرفَة بَاطِن مَا سهدا بِهِ لَكِن كلفنا الحكم بِشَهَادَتِهِمَا

وَقد علمنَا أَنه لَا يُمكن أَن يخفى الْحق فِي الدّين على جَمِيع الْمُسلمين بل لَا بُد أَن يَقع طَائِفَة من الْعلمَاء على صِحَة حكمه بِيَقِين لما قدمنَا من أَن الدّين مَضْمُون بَيَانه وَرفع الْإِشْكَال عَنهُ بقول الله تَعَالَى {تبيانا لكل شَيْء} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} وَلَكِن قد قَالَ الله تَعَالَى (وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ) فصح بِالنَّصِّ أَن الْخَطَأ مَرْفُوع عَنَّا

فَمن حكم بقول وَلم يعرف أَنه خطأ وَهُوَ عِنْد الله تَعَالَى خطأ فقد أَخطَأ وَلم يتَعَمَّد الحكم بِمَا يدْرِي أَنه خطأ فَهَذَا لَا جنَاح عَلَيْهِ فِي ذَلِك عِنْد الله تَعَالَى {تبيانا لكل شَيْء} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى [لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم) وَلَكِن قد قَالَ الله تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ} فصح بِالنَّصِّ أَن الْخَطَأ مَرْفُوع عَنَّا

فَمن حكم بقول وَلم يعرف أَنه خطأ وَهُوَ عِنْد الله تَعَالَى خطأ فقد أَخطَأ وَلم يتَعَمَّد الحكم بِمَا يدْرِي أَنه خطأ فَهَذَا لَا جنَاح عَلَيْهِ فِي ذَلِك عِنْد الله تَعَالَى وَهَذِه الْآيَة عُمُوم دخل فِيهِ الْمفْتُون والحكام والعاملون والمعتقدون فارتفع الْجنَاح عَن هَؤُلَاءِ بِنَصّ الْقُرْآن فِيمَا قَالُوهُ أَو علمُوا بِهِ مِمَّا هم مخطئون فِيهِ وَصَحَّ أَن الْجنَاح إِنَّمَا هُوَ على من تعمد بِقَلْبِه الْفتيا أَو التدين أَو الحكم أَو الْعَمَل بِمَا يدْرِي أَنه لَيْسَ حَقًا أَو بِمَا لم يقدره إِلَيْهِ دَلِيل أصلا

وَمن جَاءَهُ من ربه الْهدى وَهُوَ الْبُرْهَان الْحق فَلَا يحل لَهُ تَركه وَاتِّبَاع مَا هويت نَفسه وَظن أَنه الْحق وَسَوَاء فِي هَذَا الْمقَام عَلَيْهِ الْبُرْهَان فِي فتياه أَو فِي معتقده فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>