للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مختلف الأنواع، ودل ذكر المعاقبة والمجازاة على ذلك، فكأنك قلت: لأجزينك بالذنب الذي هو ضرب زيد، أو شتم عمرو.

فما على بابها غير خارجة عن إِبهامها.

وأما قولهم: طالما أقمنا في هذا المكان وطالما قعدنا، فما واقعة على الزمان.

والفعل بعدها متعد إلى ضميره، والتقدير: طال زمان أَقمنا فيه وقعدنا فيه، والزمان مبهم وأما قولهم: كلما جاء زيد كلمته، فما التي أضيف إليها (كل) ظرف زمان في المعنى فهما كالتي قبلها.

وأما قولهم: اجلس ما جلس زيد، و (صلوا كما رأيتموني أصلي) .

فقد ظن أكثر الناس أنها بمعنى المصدر ها هنا.

وقد تبين فساد هذا المذهب، لأن الفعل ههنا خاص غير عام، ولكنها كافة للخافض، ومهيئة لكاف التشبيه أن يقع بعدها

الفعل، كما كانت كذلك في " رب " من قوله عز وجل:

(رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢) .

وفي (إنَّ) من قولك: إنما يقوم زيد، كفتها عن العمل، وهيأتها

لوقوع الفعل بعدها، وكذلك كفت " رب " و " كاف " التشبيه عن العمل، وهيأتها لوقوع الجمل بعدهما.

والشاهد بما قلناه قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: (كَمَا أَنْتَ) ، (فأَنْتَ) مبتدأ والخبر محذوف فلا مصدر ههنا، لأنه لا فعل ثم، فكذلك هي مع " الكاف " إذ كان ثم الفعل.

فهذا بين لا خفاء به، وكذلك هي مع " بعد " من قولك: " بعدما جلس عمرو ".

وليست مصدرية لما تقدم من إبطال ذلك، ولكنها كافة

لبعد عن الخفض، مهيئة لوقوع الجمل بعدها، ألا ترى إلى قول الشاعر: أَعَلاقَةً أُمَّ الوُلَيِّدِ بعدما ... أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟.

<<  <   >  >>