فليس ها هنا فعل فيكون معها مصدراً، كما لم يكن ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - " كَمَا أَنْتَ ".
فإن قيل: فما بالهم لم يفعلوا في " قبل " ما فعلوا في " بعد " فيقولوا:
" جئت قبل ما ذهب زيد "، كما قالوا: - بعدما؟.
قلنا: في امتناعهم من ذلك في " قبل " شاهد لما قدمناه، من أنها ليست بمصدر، لأنه لا يمتنع: قبل أن يقول زيد، فيكون أن مع الفعل بمعنى المصدر.
فإن قيل: فلم لا تكون كافة لقبل، مهيأة لوقوع الجمل بعدها كما كانت كذلك في بعد؟
قلنا: لا يصح أن توجد كافة الأسماء بالإضافة، فإنها تكون كافة
الحروف وما ضارعها، و " بعد " أشد مضارعة للحروف من " قبل "، لأن
" قبل " كالمصدر في لفظها ومعناها، تقول: " جئت قبل الجمعة ".
تريد الوقت الذي تستقبل فيه الجمعة والجمعة بالإضافة إلى ذلك الوقت قابلة، كما قال الشاعر:
. . . . نحج معاً قالت أعاما وقابله
فإذا كان العام الذي بعد عامك يسمى فابلاً فعامك الذي أنت فيه قبل، ولفظها من لفظ قابل.
فقد بأن ذلك من جهة اللفظ والمعنى أن " قبل " مصدر في الأصل
والمصدركسائر الأسماء لا يكف به ولا يهيأ لدخول الجمل بعده، وإنما ذلك في بعض الحروف العوامل، لا في شيء من الأسماء.
وأما " بعد " فهي أبعد عن شبه المصدر، وإن كانت تقرب من لفظ البعد ومن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute