ألزم للفاعل من المتعدي إلى المفعول، فكان أثقل منه مصدراً، وإن اتفقا على لفظ الفعل.
ولزم مصدر " فعل " - الذي هو طبع وخصلة - وزن الفعل نحو: الجمال
والكمال والبهاء والسناء والجلال والعلاء، هذا إذا كان المعنى عاماً يشتمل على خصال ولا يختص بخصلة واحدة، فإن اختص المعنى بخصلة واحدة صار كالمحدود ولزمته " هاء " التأنيث لأنَّ هاءالتأنيث تدل على نهاية ما دخلت عليه كالضربة من الضرب، وحذفها في هذا الباب وفي أكثر الأبواب يدل على انتفاء النهاية، ألا ترى أن الضرب يقع على القليل والكثير إلى غير نهاية، وكذلك التمر والبر وسائر الأجناس، وإنما استحقت " الهاء " ذلك لأن مخرجها من منتهى الصوت وغايته فصلحت للغايات، ولذلك قالوا: علامة ونسابة أي: غاية في صفتيهما.
فإذا ثبت هذا فالجمال والكمال كالجنس العام من حيث لم يكن فيه " الهاء "
المخصوصة بالتحديد والنهاية.
وقولك: ملح ملاحة، وفصح فصاحة، على وزن: جمل جمالاً، كمل كمالاً، إلا في تاء التأنيث، لأن الفصاحة خصلة من خصال الكمال، فحددت بالهاء، لأنها ليست بجنس عام كالجمال، فصارت تشبه باب الضربة والتمرة من الضرب والتمر، لمكان التحديد والنهاية، ألا ترى إلى قول خالد بن صفوان - وقد قالت له عرسه -: " إنك لجميل "، فقال:
" أتقولين ذلك وليس عندي عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه؟
ولكن قولي: إنك لمليح ظريف ".
فجعل الملاحة خصلة من خصال الجمال، فبان صحة ما قلناه.
وعلى هذا قالوا: الحلاوة والأصالة والرجالة، وكذلك في ضد هذا المعنى
نحو: السفاهة والوضاعة والرذالة والحماقة، لأنها كلها خصال محدودة بالإضافة إلى السفال، والسفال في مقابلة العلاء والكمال، لأنه جنس يجمع الأنواع التي تحته.