حمدت حمداً. ولا: فعلت فعلاً، بفتح الفاء، استغناء عن المصادر بالمفعولات
المطلقة، لأن العمل مثل: القنص والقبض، والصنع مثل: الدهن والخبز، والفعل مثل الطحن، فكلها بمعنى المفعول لا بمعنى المصدر الذي اشتق منه الفعل.
وجميع هذه الأفعال العامة لا تتعدى إلى الجواهر والأجسام إلا أن يخبر بها عن
خالق الجواهر والأجسام وفاعلها في الحقيقة.
وإنما يتعدى إلى الجواهر بعض الأفعال الخاصة نحو: ضربت زيداً.
ولذلك تقول: زيد مضروب على الإطلاق.
وإن اشتققت له من لفظ فعلت لقلت: مفعول به، أي فعل به ضرب ولم يفعل هو.
وأما حلمت في النوم حلماً، فإن حلمت في المنام بمنزلة فعلت وصنعت في
اليقظة، لأن جميع أفعال النوم يشتمل عليها حلمت وكأن جميع أفعال اليقظة يشتمل عليها فعلت، فمن ثم لم يقولوا: حلمت حلماً على الأصل، لأن حلمت مغنية عن المصدر، كما كانت فعلت مغنية عنه، وإنما مطلوب المخاطب معرفة المحلوم والمفعول، فلذلك قالوا: حلماً، ولذلك جمعوه على أحلام وحلوم، لأن الأسماء هي التي تجمع وتثنى، وأما الفعل، أو ما فائدته كفائدة الفعل من المصادر فلا تجمع ولا تثنى.
وقولهم: إنما جمعت الحلوم والأشغال لاختلاف الأنواع.
بل يقال لهم: وهل اختلف الأنواع إلا من حيث
كانت بمثابة الأسماء المفعولة؟
ألا ترى أن الشغل على وزن فعل كالدهن، فهو عبارة عما يشتغل المرء به، فهو اسم مشتق من الفعل وليس الفعل مشتقاً منه، إنما هو مشتق من الشغل، والشغل هوالمصدر، كما أن الجعل والجعل كذلك.
فعلى هذا ليس الأشغال والأحلام بجمع المصدر، إنما هو
جمع اسم، والمصدر على الحقيقة لا يجمع، لأن المصادر وكلها جنس واحد.
من حيث كانت كلها عبارة عن حركة الفاعل، والحركة تماثل الحركة ولا تخالفها بذاتها، ولولاهاء التأنيث في الحركة ما ساغ جمعها، فلو نطقت العرب بمصدر حلمت الذي استغنى عنه بالحلم، وبمصدر شكرت الذي استغنى عنه بالشكر لما جاز جمعه، لأن اخئلاف الأنواع ليس راجعاً إليه، إنما هو راجع إلى المفعول المطلق.
ألا ترى أن الشكر عبارة عما يكافأ به المنعم من ثناء أو فعل وكذلك نقيضه - وهو الكفر - عبارة عما يقابل به المنعم من جحد وقبح فعل، فهو مفعول مطلق لا مصدر