اشتق منه الفعل، إلا أن الكفر يتعدى بالباء لتضمنه معنى التكذيب، وشكوت يتعدى باللام، التي هي لام الإضافة، لأن المشكور في الحقيقة هي النعمة، وهي مضافة إلى المنعم، وكذلك المكفور لي الحقيقة هي النعمة ولكن كفرها تكذيب وجحد.
فلذلك قالوا: كفر بالله، وكفر بأنعمه وشكر لزيد، وشكر له نعمته.
وإذا ثبت أن الشكر من قولك: شكرت شكراً مفعول مطلق، وهو مختلف
الأنواع، لأن مكافأة النعم تختلف، فجائز أن يجمع كما جمع الحلم والشغل.
فيحمل قوله سبحانه: (لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)
على أنه جمع الشكر، وكذلك: كفر كفوراً، ولا يجعل بمنزلة القعود والجلوس، لأنه متعد، ومصدر الفعل المتعدي لا يجىء على الفعول.
ويزيد هذا الفصل بيانا ووضوحاً قوله: أحببت حباً، فالحب ليس بمصدر لأحببت، إنما هو عبارة عن الشغل بالمحبوب، ولذلك
جاء على وزنه مضموم الأول.
ومن ثم جمع كما جمع الشغل والحلم، قال الشاعر:
ثلاثَةُ أحبابٍ فَحُبُّ علاقةٍ ... وحُبُّ تِمِلاَّقٍ وحُبُّ هو القتلُ
فقد انكشف لك بقولهم: " أحببت حباً "
ولم يقولوا: " إحباباً " استغناء بالمفعول المطلق، الذي هو أفيد عند المخاطب من الإحباب - أن حلمت حلماً وشكرت
شكراً وكفر كفراً وصنع صنعاً، كلها واقعة على ما هو اسم للشيء المفعول، وناصبة له نصب المفعول المطلق.
وهو في هذه الأفعال أجدر أن يكون كذلك، لأنها أعم من أحببت إذ الشكر
واقع على أشياء مختلفة، وكذلك الكفر والشغل والحلم.
وكلما كان الفعل أعم