للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَذهب الْجُمْهُور من الْفُقَهَاء إِلَى إِلْحَاق هَذَا الْقَبِيل بالمستقلات من الْكَلَام وَحَمَلُوهُ على نفي الْأَحْكَام وَنَفَوْا عَنهُ سمة الْإِبْهَام وأدانوا الْمصير إِلَى توقع نفي الْأَعْيَان من فحوى الْخطاب وَالْبَيَان.

ثمَّ افترق هَؤُلَاءِ فرقا فَمن صائرين إِلَى أَن النَّفْي إِذا أضيف إِلَى الْأَعْيَان اقتضي بِظَاهِرِهِ انْتِفَاء الْأَعْيَان وَالْأَحْكَام جَمِيعًا، ثمَّ إِذا قَامَت دلالات الْمَعْقُول على ثُبُوت الْأَعْيَان الَّتِي انطوى عَلَيْهَا الْخطاب خصصت الْأَعْيَان من مُقْتَضى الْخطاب، وَبقيت الْأَحْكَام على مُوجبهَا وَينزل ذَلِك منزلَة تَخْصِيص اللَّفْظ الشَّامِل للعام.

وَمِنْهُم من ذهب إِلَى أَن نفي الْأَعْيَان لَا يقدر دُخُوله تَحت الْخطاب لتلجيء الْحَاجة إِلَى تخصيصها. وَمَا انطوى مَضْمُون اللُّغَة إِلَّا على الْأَحْكَام فتضمن اللَّفْظ نَفيهَا عُمُوما فَإِن قَامَت دلَالَة فِي قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : (لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد)) دَالَّة على أَجزَاء الصَّلَاة فَمن اقْتِضَاء النَّفْي فِي إِطْلَاقه نفي الْجَوَاز والكمال. فَإِذا قَامَت الدّلَالَة على الْجَوَاز نفي الْكَمَال تَحت قَضِيَّة النَّفْي الْمَنْقُول وَالَّذِي نرتضيه بطلَان هَذِه الْمذَاهب كلهَا. فَالْأولى أَن نوضح بُطْلَانهَا ثمَّ نذْكر السديد من الْمذَاهب عندنَا.

[١٣٣] فَأَما وَجه الرَّد عَن من يزْعم أَن الْخطاب يلْتَحق بالمجملات

<<  <  ج: ص:  >  >>