للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لإضافة النَّفْي إِلَى الْأَعْيَان مَعَ ثُبُوتهَا فَيُقَال لهَؤُلَاء هَل تنكرون فِي إطلاقات الْعَرَب وتفاهمها وتجاوزها إِطْلَاق الشَّيْء نفيا وإثباتا وَالْمرَاد نفي وصف مِنْهُ أَو إِثْبَات وصف لَهُ. فَإِن جَحَدُوا ذَلِك انتسبوا إِلَى إِنْكَار مَا عَلَيْهِ أَرْبَاب اللِّسَان قبل انبعاث الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَبعده فَإنَّا نعلم فِي الْجَاهِلِيَّة الجهلاء قبل انبعاث خَاتم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِ السَّلَام. وَكَانُوا يتفاوضون بِرَفْع الزلل وَالْخَطَأ أَن يَقُول الْمَرْء لمن دونه: رفعت / عَنْك زلتك وخطأك، وَلَا يعنون بذلك رفع [١٤ / ب] الْأَعْيَان. وَإِنَّمَا مرامهم نفي الْمُؤَاخَذَة بالْخَطَأ. وَمن الْمَشْهُور السائر فِي كَلَامهم قَوْلهم للَّذي عمل من غير نِيَّة وطوية فِي ارتياد طَاعَة، وَلَكِن بدر مِنْهُ الْعَمَل وفَاقا: مَا عملت شَيْئا، وَلَا يعنون بذلك نفي صُورَة الْعَمَل وَإِنَّمَا يعنون بذلك نفي الْمَقْصُود والنيات، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ((لَا عمل إِلَّا بنية)) إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يطول اقتصاصه وتتبعه، فتقرر بِمَا قُلْنَاهُ أَن نفي الصِّفَات تعقل من النَّفْي الْمُضَاف إِلَى الذوات.

فَإِذا تمهد ذَلِك قُلْنَا النَّفْي الْمَنْقُول عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام مُضَافا إِلَى شَيْء، لَهُ مصرفان لَا يتوسطهما ثَالِث، أَحدهمَا نفي الْأَعْيَان والذوات. وَالثَّانِي نفي غَيرهمَا مِمَّا تتصل بهما من الآثام وَالْأَحْكَام. وَقد يفهم من اللَّفْظ كِلَاهُمَا. ويستحيل حمل النَّفْي الْمَنْقُول عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام على نفي الْأَعْيَان مَعَ الْقطع بثبوتها، وَالْعلم باستحالة الْكَذِب على الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام. فَإِذا علمنَا قطعا اسْتِحَالَة الْحمل على نفي الْأَعْيَان. تعين الْمصرف الثَّانِي. ويتضح ذَلِك بِمَا لَا دفع لَهُ. وَهُوَ أَن الْإِجْمَال إِنَّمَا يتوقى عِنْد توقع الْإِضْمَار. واشتباه الْحَال

<<  <  ج: ص:  >  >>