١٤٤١ - وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، وَلَو " سلكنا " هَذِه الطَّرِيقَة، لم نجد عَمَّا ألزمونا محيصا. وَذَلِكَ أَن لَهُم أَن يَقُولُوا: مهما اخْتلفُوا الصَّحَابَة، واتفقت مثلا رتب الْمُجْتَهدين مِنْهُم، فقد أَجمعُوا على أَنه يحل للعوام أَن " يتبع " من شَاءَ مِنْهُم، عِنْد اسْتِوَاء أوصافهم، فَهَذَا اتِّفَاق مِنْهُم على حكم، وَقطع مِنْهُم القَوْل فِيهِ، فَلَو أَجمعُوا على أحد الْقَوْلَيْنِ، وحرموا على الْعَوام تَجْوِيز اتِّبَاع القَوْل الثَّانِي، فَيكون ذَلِك تَحْرِيمًا مِنْهُم لعين مَا أحلوه، وَذَلِكَ مُسْتَحِيل على أصُول من لم يشْتَرط الانقراض فِي الْإِجْمَاع.
فَلَا وَجه إِلَّا أَن نقُول: لَا يتَصَوَّر اتِّفَاق أهل الْعَصْر بعد اخْتلَافهمْ، فَإِن فِي تَجْوِيز ذَلِك تصور " اجتماعين " متضادين، فَتَأَمّله، تَجدهُ صَحِيحا.
١٤٤٢ - فَإِن قيل: بِمَ تنكرون على من يزْعم، أَنهم لما اخْتلفُوا وسوغوا للعوام اتِّبَاع أحد الْقَوْلَيْنِ، لَا بِعَيْنِه، أَو التَّخْيِير فِي الِاتِّبَاع عِنْد اسْتِوَاء أَوْصَاف الْمُجْتَهدين، فَهَذَا إِجْمَاع مِنْهُم على شَرط: فكأنهم قَالُوا: لكم الْخيرَة، مَا لم يتَّفق إِجْمَاع الْأمة على أحد الْقَوْلَيْنِ؟
قُلْنَا: هَذَا تَخْلِيط مِنْكُم عَظِيم فِي مسَائِل الْإِجْمَاع، وَلَو سَاغَ تثبيت إِجْمَاع مَشْرُوط بِشَرْط مرقوب، لجَاز ذَلِك فِي كل إِجْمَاع، حَتَّى نقُول: لَو أجمع أهل الْعَصْر على حكم، يجوز رجوعهم عَنهُ، ثمَّ يُقَال عِنْد تصور رجوعهم: إِنَّمَا أَجمعُوا أَولا بِشَرْط أَن لَا يَتَّضِح لَهُم وَجه فِي الِاسْتِدْلَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute