للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٥٩ - ثمَّ نقُول: " مَا " من إِثْبَات يدل عَلَيْهِ، إِلَّا وَيُمكن أَن يعبر عَنهُ بِالنَّفْيِ توصلاً إِلَى إِسْقَاط الْحجَّاج حَتَّى يُقَال: من سُئِلَ عَن حدث الْعَالم، فَلَا دَلِيل عَلَيْهِ، إِذْ مَقْصُوده نفي الْقدَم، وَهَذَا " يطرد " لَك فِي مُعظم مسَائِل الْإِثْبَات، فَتبين أَن الْمصير إِلَى هَذَا الْمَذْهَب، خبط وَجَهل من قَائِله بحقائق الْأُصُول.

١٥٦٠ - وَرُبمَا اسْتدلَّ نَاصِر هَذَا الْمَذْهَب، بِأَن قَالَ: إِذا ادّعى رجل مَالا. فالحجة وَالْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي، وَلَا حجَّة على الْمُدعى عَلَيْهِ، قَالُوا: وَمَا ذَلِك إِلَّا لِأَن الْمُدعى عَلَيْهِ ناف، وَالْمُدَّعِي مُثبت.

وَهَذَا الَّذِي ذَكرُوهُ، بَاطِل من أوجه: -

أَحدهَا: أَن الْمُدعى عَلَيْهِ قد يكون مثبتاً، وَالْحكم مَعَ ذَلِك كَمَا قَالُوهُ، فَإِن من ادّعى على رجل دَارا فِي يَده، قَالَ: " هَذِه الدَّار الَّتِي فِي يدك. لي وَلَيْسَت لَك أَيهَا الْمُدَّعِي "، وَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ: " لَا، بل هِيَ " لي "، وَلَيْسَت لَك أَيهَا الْمُدَّعِي ". " فقد " أثبت كل وَاحِد مِنْهُمَا الْملك لنَفسِهِ، ونفاه عَن صَاحبه، واستويا فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات.

ويتخصص الْمُدَّعِي مَعَ ذَلِك، بِإِقَامَة الْبَيِّنَة، دون الْمُدعى [عَلَيْهِ] .

على أَن كثيرا من الْفُقَهَاء صَارُوا إِلَى أَن يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ، مَعَ الظَّاهِر

<<  <  ج: ص:  >  >>