أَو لِمَعْنى غير الْعلم من الْمعَانِي الْقَائِمَة بِالذَّاتِ، فَلَا نزال نسبر ونبطل الْأَقْسَام، حَتَّى ننتهي إِلَى تَعْلِيل هَذَا الحكم بِالْعلمِ. وَكَذَلِكَ القَوْل فِي كل حكم عَقْلِي مُعَلل بعلة عقلية، ثمَّ " إِن " اعْتِبَار الْعلَّة أَن يثبت الحكم عِنْد ثُبُوتهَا ويعدم عِنْد عدمهَا.
وحققوا ذَلِك بِأَن قَالُوا: لَا معنى لكَون الْعلم عِلّة فِي حكمهَا، إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ من الِاعْتِبَار، وَهَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه مَوْجُود فِي عِلّة الحكم. فَإنَّا إِذا نَظرنَا إِلَى تَحْرِيم الْخمر وأثبتنا أَولا جَوَاز تَعْلِيله، وَتبين لنا ارْتِفَاع الْمَوَانِع عَن التَّعْلِيل، ثمَّ قَدرنَا الشدَّة عِلّة فِي اقْتِضَاء التَّحْرِيم، بعد أَن اعْتبرنَا مَا عَداهَا من الْأَوْصَاف فَبَطل الِاعْتِبَار فِيمَا سواهَا، ثمَّ ألفينا الحكم يتَحَقَّق بِوُجُود الشدَّة - وَرُبمَا ينعكس أَيْضا، فَيَنْتَفِي الحكم بِانْتِفَاء الشدَّة - فقد ضاهى علل الْعُقُول وأدلتها. إِذْ أَدِلَّة الْعُقُول لَا يشْتَرط فِيهَا الانعكاس وَإِن اشْترط فِي الْعِلَل الْعَقْلِيَّة الانعكاس.
١٦٢٣ - وَالْجَوَاب عَن ذَلِك من أوجه. أقربها أَن نقُول: لَا مشابهة بَين المقاييس الشَّرْعِيَّة وَبَين الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، إِذْ كل حكم مُعَلل فِي الْعقل لَا يسوغ تَقْدِير ثُبُوته مَعَ اعْتِقَاد انْتِفَاء علته إِذْ لَا يجوز أَن تقدر عَالما لَا علم لَهُ. وَلَا " كَائِنا " لَا كَون لَهُ.
وَأما التَّحْرِيم الَّذِي فِي الصُّورَة الَّتِي فرضتم الْكَلَام فِيهَا، فَيجوز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute