للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعقل تَقْدِير تَحْقِيقه، مَعَ وُرُود الشَّيْء ثمَّ نصا بِالْمَنْعِ من تَعْلِيله، وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَى جَحده فَلَو كَانَت الشدَّة تنزل منزلَة الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، لما سَاغَ تَجْوِيز وُرُود الشَّرْع بِمَنْع التَّعْلِيل بهَا وبغيرها / من الْأَوْصَاف. إِذْ الْعلم لما كَانَ عِلّة فِي كَون مَحَله عَالما، لم نجد فِي قضايا الْعُقُول قيام الدّلَالَة على خُرُوجه عَن كَونه عِلّة، وَقد ثَبت التَّحْرِيم فِي مَوَاضِع فِي الشَّرْع غير مُعَلل نَحْو تَحْرِيم الْخِنْزِير، وَمَا عداهُ مِمَّا يضاهيه فِي انْتِفَاء التَّعْلِيل. وَهَذَا وَاضح فِي إِسْقَاط مَا راموه.

١٦٢٤ - وَالْوَجْه الثَّانِي فِي الْجَواب أَن نقُول: لَا يَسْتَقِيم التَّعْلِيل عقلا، إِلَّا بِأَن نقدر حكما زَائِدا على الْعلَّة الْمُقْتَضِيَة للْحكم. فَنَقُول: كَون الْعَالم عَالما حكم زَائِد على الذَّات وعَلى نفس الْعلم، وَهُوَ مُعَلل بِالْعلمِ. وَهَذَا الحكم هُوَ الْحَال الَّذِي عظم فِيهِ اخْتِلَاف الْمُحَقِّقين نفيا وإثباتاً، والخوض فِيهِ يصدنا عَن الْمَقْصد.

ومطلبنا فِي هَذَا الْموضع أَن نبين، أَن الْعلَّة الْعَقْلِيَّة لَا يستر إِلَّا بِأَن نقدر لَهَا حكما زَائِدا عَلَيْهَا، إِذْ لَو لم نقل ذَلِك، وصرفنا الحكم إِلَى نفس الْعلم، أفْضى محصول القَوْل إِلَى أَن الْعلم عِلّة فِي الْعلم! وَهَذَا سَاقِط من الْكَلَام.

فَإِذا ثَبت ذَلِك قُلْنَا بعده للخصوم: فثبتوا التَّحْرِيم وَصفا زَائِدا وعللوه ليَكُون ذَلِك قِيَاس الْعِلَل ومعلولاتها عقلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>