لَا يتَحَقَّق صِحَة الِاكْتِسَاب إِلَّا فِيمَا يتَحَقَّق فِيهِ الْحُدُوث. فاندرج تَحت مَا ذَكرْنَاهُ تَخْصِيص تصور الِاكْتِسَاب بالمأمور فَإِن تصور ذَلِك من غَيره لَا يَقْتَضِي تثبيته مَأْمُورا بِهِ فِي حَقه. وَالْوَصْف الآخر أَن يكون مَعْلُوما متميزا للْمَأْمُور مِمَّا لَيْسَ مِنْهُ أَو أَن يكون فِي حكم الْمَعْلُوم بِأَن يكون الْمَأْمُور مِمَّن يَصح أَن يُعلمهُ.
[٥١] فَإِن قيل: فَلَو اجتزيتم بقولكم يشْتَرط أَن يكون مِمَّا يَصح اكتسابه، ألم يكن فِيهِ اكْتِفَاء؟
قيل: هَذَا يسْتَند إِلَى أصل فِي الديانَات، وَهُوَ أَنه هَل يَصح الِاكْتِسَاب وَتعلق الْقُدْرَة الْحَادِثَة بمقدروها مَعَ جهل الْقَادِر بالمقدور. وَهَذَا مِمَّا اخْتلف فِيهِ سلفنا. وَالأَصَح عدم اشْتِرَاط الْعلم. وَلَكِن وَإِن لم يشْتَرط تعلق الْعلم بالمقدور يشْتَرط كَون الْمَقْدُور مِمَّا يَصح الْعلم بِهِ. وَلَا يشْتَرط فِي كَون الْمَأْمُور بِهِ مَأْمُورا بِهِ نفس تعلق الْعلم بِهِ.
وَلَكِن لَو كَانَ بِحَيْثُ يَصح الْعلم بِهِ صَحَّ الْأَمر بِهِ. وَهَذَا الْمَعْنى يتَحَقَّق فِي كل مَا يَصح أَن يكْتَسب. فَخرج لَك من مَضْمُون ذَلِك، إِن اكتفيت بِقَوْلِك شَرط الْمَأْمُور بِهِ أَن يكون مِمَّا يَصح من الْمَأْمُور اكتسابه صَحَّ، بيد أَن الْبسط أقرب إِلَى الإفهام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute