فَلم قُلْتُمْ إِن أَدِلَّة التَّخْصِيص لما سَاغَ تَأْخِيرهَا، سَاغَ تَأَخّر الِاسْتِثْنَاء، ثمَّ نقُول: نرى الْعَرَب تطلق عُمُوما ثمَّ تبدي بعد زمَان دلَالَة تخصصه وَلَا يُنكر ذَلِك فِي كَلَامهَا، فَأَما أَن تَقول طلقت امْرَأَتي، ثمَّ تَقول بعد زمَان إِن شَاءَ الله، فَلَا تعد الْعَرَب ذَلِك اسْتثِْنَاء صَحِيحا، فتتبعنا لغتهم فِي الْأَصْلَيْنِ.
ثمَّ نقُول: إِن جَازَ لكم تَشْبِيه الِاسْتِثْنَاء بأدلة التَّخْصِيص فَهَلا شبهتموه بِالشُّرُوطِ والقيود والأوصاف والنعوت فَإِنَّهُ لَا يسوغ / تَأْخِيرهَا وفَاقا إِذْ لَو قَالَ [٧٥ / ب] الْقَائِل [أضْرب زيدا، ثمَّ قَالَ بعد شهر: إِن قَامَ، أَو قَالَ بعد حول: إِذا كَانَ قَائِما أَو رَاكِبًا، عد ذَلِك لَغوا، وَلذَلِك لَو قَالَ: زيد، ثمَّ قَالَ بعد بُرْهَة من دهره: منطلق، لم يعد ذَلِك خَبرا، وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ، فلئن سَاغَ لَهُم التَّشْبِيه بِمَا ذَكرُوهُ سَاغَ مقابلتهم، وَإِن كَانَ التَّحْقِيق يَقْتَضِي أَن لَا يسْلك طَرِيق المقاييس فِي اللُّغَات ومقتضياتها.
[٦٤٢] فَإِن قيل: تسوغون تقدم الِاسْتِثْنَاء على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ؟
قُلْنَا: نجوز ذَلِك مَعَ الِاتِّصَال فَكَمَا يحسن مِنْك أَن تَقول: مَا جَاءَنِي أحد غلا أَخَاك، وَيحسن م مِنْك أَن تَقول: مَا جَاءَنِي إِلَّا أَخَاك أحد، وَالِاسْتِثْنَاء إِذا تقدم يتَضَمَّن النصب على أصُول النَّحْوِيين وَمن ذَلِك قَول الْكُمَيْت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute