للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حقوقنا فَيُقَال لَهُم: هَذَا بَاطِل، فَإِن فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المتبع لَا ينْتَصب علما فِي النّدب على مثله عقلا، إِذا يجوز فِي الْعقل تخصصه بِمَا يحرم على غَيره، وَيجوز تَقْدِير صُدُور الْفِعْل مِنْهُ مُبَاحا وَهُوَ مُبَاح لغيره، وَيجوز تَقْدِير الْوُجُوب أَيْضا، فَإِذا تقابلت هَذِه الجائزات فِي الْعقل وَلَيْسَ فِي فعل الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ينبىء عَن تَبْيِين جِهَة من هَذِه الْجِهَات، فَلَا يرتضي أحد وَاحِدَة مِنْهَا إِلَّا ويقابل بِسَائِر / الْجِهَات فتتساقط الْأَقْوَال عِنْد تعارضها، فَهَذَا لوادعوه [١٠١ / أ] عقلا، وَإِن ادعوهُ سمعا فتخصيص النّدب فِي قَضِيَّة لَا وَجه لَهُ، وَإِن من افعال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يجب اتِّبَاعه فِيهِ، وَمِنْه مَا يُبَاح الْإِقْدَام على مثله من غير ندب، فتخصيص النّدب لَا وَجه لَهُ لَا عقلا وَلَا سمعا.

[٨٩٥] فَإِن قيل: النّدب اقل رُتْبَة من الْوُجُوب، فحملنا الْأَمر على الْأَقَل؟

قيل: هَذَا بَاطِل من وَجْهَيْن، أَحدهمَا: أَن مَا يتَحَقَّق وَاجِبا فَلَيْسَ فِيهِ معنى النّدب ليقدر النّدب اقل مرتبَة وَأَيْضًا فَإِن الْإِبَاحَة دون النّدب على زعمكم، فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه.

[٨٩٦] فان قَالُوا: إِنَّمَا الدَّال على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} ، فأنبأ ذَلِك عَن تَحْسِين التأسي بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>