قُلْنَا: حمله على مَا أوميتم إِلَيْهِ آحَاد لَا يثبت بِمِثْلِهَا الْقطع، وَنحن فِي مَسْأَلَة قَطْعِيَّة على أَن مَا استروحتم إِلَيْهِ من ذبح الْبَهَائِم وَنَحْوهَا فلسنا نسلم أَنَّهَا محظورة عقلا، وَإِنَّمَا بنيتم مَا قلتموه تَقْديرا مِنْكُم أَنَّهَا على الْحَظْر إِلَى أَن تُبَاح بِدلَالَة الشَّرْع، وَأما مَا نقلتموه من حجَّة فَلَيْسَ فِيهِ معتصم إِن صَحَّ، فَإِن الَّذين كَانُوا لَا يَقُولُونَ بِشَيْء من الْملَل، وَلَا يعتصمون بشريعة من الْأَنْبِيَاء من الْعَرَب العاربة مازالوا يتيممون ويتبركون بِالْبَيْتِ الْمحرم لَا عَن مِلَّة اتبعوها وَلَكِن توارثوها صاغرا عَن كَابر، وَهَذَا مَالا سَبِيل إِلَى جَحده فِي درب الْعَرَب.
[٩٣٩] وكل مَا ذَكرْنَاهُ نقدمه لحد النّظر، وَأَن كل مَا قَالُوهُ يَنْقَسِم إِلَى مَالا يَصح وَإِلَى مَا نقل آحادا، وَلَا يسوغ التشبث بِمثلِهِ فِي العقليات.
[٩٤٠] فَإِن قَالُوا: مَا زَالَ واصلا للرحم فِي الْكَلم، متجنبا عَن الْكَبَائِر واللمم، وكل ذَلِك من مخاديل اتِّبَاع شرائع الْأُمَم.
قُلْنَا: هَذَا تحكم مِنْكُم وتوصيل إِلَى مَا يطْلب فِيهِ الْقطع بالمخيل والحسبان فَأَما صلَة الرَّحِم فالطبائع مجبولة عَلَيْهَا. ومنكرو الصَّانِع يغلب ذَلِك فيهم، وَأما توقي الْفَوَاحِش فَلَا يدل على اتِّبَاع الْملَل أَيْضا، فَبَطل مَا قَالُوهُ جملَة وتفصيلا.
[٩٤١] وَالدَّلِيل / على مَا ارتضيناه أَن نقُول: قد ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخالط أَصْحَابه ويمازح عثرته وَلم يُؤثر عَنهُ الانتماء إِلَى مَذْهَب والاعتزاء إِلَى مطلبه فِي الشَّرَائِع، وَمثله مِمَّن لَا يخفى فِي الْعَاد ة ذَلِك مِنْهُ مَعَ ظُهُور شَأْنه، ووضوح أمره، وَلَا يبديها، وَلَا يسايل عَنْهَا، وَلما ابتعثه الله لم يُؤثر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute