عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل التنبي، وَكَانَ ينبىء عَن أنبائه قبل الْبعْثَة وَصمت على مِلَّة كَانَ يتبعهَا، وَشَرِيعَة كَانَ يعتقدها، وَكَانَ لَا يسوغ الكتمان، وَيعلم فِي مجاري الْعَادَات أَن مثل ذَلِك لَا يسوغ تَقْدِير خفائه، وَلَو كَانَ مَعَ اسْتِمْرَار الْعَادة وَعدم انخراقها، وجاحد ذَلِك ينزل منزلَة جَاحد لسبيل الضروريات، ومصدق الْمخبر عَن تصور التُّجَّار وغيض الْأَنْهَار، وتقلب الحجار عَن صفاتها إِلَى نعوت التبر والجواهر.
[٩٤٢] وَالَّذِي يعتضد الدّلَالَة بِهِ أَن الشَّرَائِع لَا تثبت عقلا، وَإِنَّمَا تثبت سمعا فَلَا سَبِيل إِلَى تثبيت شرع فِي حَقه عقلا، وَلَو ثَبت سمعا لنقل فِي اطراد الْعَادة، وَلَا يعقل فِي مجاري الْعَادَات انْقِرَاض الدهور والأعصار على مثله وَهُوَ يعْتَقد مِلَّة من الْملَل.
[٩٤٣] فَأَما من زعم أَنه لَا يسوغ أَن يكون متعبدا بِملَّة من الْملَل قبل المبعث عقلا فقد استروح إِلَى مَا لَا طائل تَحْتَهُ، فَقَالَ: لَو قدر ذَلِك لأفضى إِلَى التنفير عَنهُ والحط من قدره وانطلاق أَلْسِنَة العندة من ذَوي الْملَل فِيهِ، فَلَو كَانَ على دين مُوسَى لقالت الْيَهُود: كَانَ مُتَابعًا لنا، فِي هذيان طَوِيل، وَهَذَا واه لَا تَحْقِيق وَرَاءه فَإنَّا لَا نستبعد أَن تثبت فِي زمن النُّبُوَّة صِفَات يناط بهَا نفور الجاحدين، وَإِنَّمَا بدر هَذَا الْكَلَام بِنَاء على الصّلاح والأصلح، وسنستقصي الْكَلَام فِيهِ فِي الديانَات إِن شَاءَ الله فَهَذَا هوالكلام فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ قبل المبعث.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute