الْكتاب من أسلم وَحسن إِسْلَامه وَبلغ من الْأَمَانَة والثقة أَعلَى الرُّتْبَة كَعبد الله بن سَلام وَكَعب وَغَيرهمَا، فَهَلا رَجَعَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَوْلهمَا فِي الْأَخْبَار عَن التَّوْرَاة؟
فَإِن قيل: لِأَنَّهَا كَانَت مُغيرَة.
قُلْنَا: فَهَلا وثقوا بقوله فِي نقل مَا لَيْسَ بمبدل؟
ثمَّ الْأَخْبَار تَنْقَسِم إِلَى الصَّحِيح والسقيم، وَلَا يُوجب انقسامها رد أَخْبَار الثِّقَات، وَإِن كُنَّا نعلم أَن مَا يقدر من التَّدْلِيس، والتلبيس، وضروب التحريف، وضروب الْمُتُون بَعْضهَا بِبَعْض، وَوضع الْأَخْبَار على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر من التحريف فِي الْكتب، ثمَّ لم يُوجب رد أَخْبَار الثِّقَات، وَإِن كُنَّا نعلم، فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه.
[٩٦٠] وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ أَن يبْنى هَذَا الطّرف على الطّرف الأول وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن متعبدا بشرائع من قبله قبل المبعث، ثمَّ إِذا ثَبت ذَلِك فيترتب عَلَيْهِ لَا محَالة أَن الْأَحْكَام لم تثبت بعد المبعث إِلَّا باتصال الْأَوَامِر على التَّجْدِيد.