[٩٦١] وَقد أَوْمَأ الْعلمَاء إِلَى طرق فِي الِاسْتِدْلَال لَا تقوى، وَنحن نؤمي إِلَيْهَا. مِنْهَا: التَّمَسُّك بِمَا رُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِمعَاذ: بِمَ تحكم يَا معَاذ؟ فَقَالَ: بِكِتَاب الله، ثمَّ قَالَ: فَإِن لم تَجِد؟ قَالَ: فبسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِن لم تَجِد؟ قَالَ: أجتهد رَأْيِي، فصوبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأثْنى عَلَيْهِ خيرا، وَلم يذكر معَاذ فِي ذكر كتب الْأَوَّلين، وَهَذَا من أَخْبَار الْآحَاد وَفِي التَّمَسُّك بِهِ نظر.
[٩٦٢] وَمِمَّا استدلوا بِهِ أَن قَالُوا: اتّفق الْأمة على أَن جملَة الْأَحْكَام الثَّابِتَة بعد مبعث الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضَافَة إِلَى شَرِيعَته، وَكلهَا تقدم مِنْهَا. فَلَو كَانَ مِنْهَا مَا يتبع فِيهِ من سبق لوَجَبَ إِضَافَة ذَلِك الْقدر إِلَى شرع من قبلنَا وَهَذَا فِيهِ نظر، وللخصم أَن يَقُول: إِنَّمَا أضيف الْكل إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ أَحْيَاهَا وَبَينهَا على فَتْرَة، ودروس من الْحق، والتمسك بِالْإِضَافَة تمسك بِمُجَرَّد اسْم هُوَ عرضة التَّأْوِيل.
[٩٦٣] وَمِمَّا استدلوا بِهِ أَيْضا قَوْله تَعَالَى: {لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجا} ، وَزَعَمُوا أَن هَذَا يدل على أختصاصه بجملة الشَّرِيعَة، وَفِي هَذَا نظر أَيْضا فَإِن اخْتِصَاصه بِبَعْض الْأَحْكَام يتَحَقَّق فِيهِ مَضْمُون الْآيَة، وَلَيْسَ من شَرط انطلاق اسْم الشَّرِيعَة أَن يتَنَاوَل كل الْأَحْكَام وَالْأَخْبَار.