على صدقه، وطرد مَا ذَكرُوهُ يُوجب عَلَيْهِم تَكْذِيب الشُّهُود لعروهم عَن الدلالات الدَّالَّة على الصدْق.
ثمَّ نقُول لَهُم: إِنَّمَا قُلْنَا: فِي المتنبىء مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّهُ ثَبت بالأدلة القاطعة أَنا مكلفون بِمَعْرِِفَة نبوة كل نَبِي يظْهر، مخاطبون بِالْقطعِ على عصمته وطهارته وتنزهه فِي سَرِيرَته وَحسن سيرته فِي نوبَته.
ثمَّ عرفنَا أَن الْقطع لَا سَبِيل إِلَيْهِ إِلَّا بِدلَالَة تُفْضِي إِلَيْهِ فَمن ادّعى النُّبُوَّة بِلَا دَلِيل وَمن حكمهَا أَن يعلم فَيعلم قطعا كذبه، فانفصل مَا اسْتشْهدُوا بِهِ عَمَّا نَحن فِيهِ.
[١٠٢٦] فَإِن قيل: بِمَ تنكرون على من يزْعم أَن من لَا سَبِيل إِلَى الْقطع بصدقه لَا تقوم الْحجَّة بنقله وَإِذا لم تقم الْحجَّة بنقله اسْتَحَالَ تَعْلِيق الْعَمَل بِهِ.
قُلْنَا: هَذَا خلط بَاب بِبَاب، فَإِن مقصدنا من هَذَا الْفَصْل أَن نبين امْتنَاع الْقطع بِالصّدقِ أَو الْكَذِب فِي النَّوْع الَّذِي وصفناه من الْأَخْبَار فَأَما مُوجب الْعَمَل بهَا، وَصِحَّة وُرُود التَّعَبُّد بِوُجُوب الْعَمَل، فمما نستقصيه بعد ذَلِك فِي بَاب مُفْرد إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فَسَلمُوا لنا ترك الْقطع بِالْكَذِبِ، ثمَّ كلمونا بعد ذَلِك فِي الْعَمَل كَيفَ يجب، وَلَا تنكر إِلَّا وَيجب الْعَمَل بِإِخْبَار مخبر مَعَ امْتنَاع الْقطع بكذبه.
وَالَّذِي يُحَقّق ذَلِك أَن الشَّاهِد الْوَاحِد لَا يقطع بكذبه إِذْ لَو قطع بكذبه لردت شَهَادَته وَإِن شهد بعده غَيره، ثمَّ مَعَ أَنا لَا نقطع بكذبه لَا نحكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute