للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الظَّن والحسبان، وَفِي الْمجَاز متسع، على أَنا نقُول: الْمَعْنى بقوله تَعَالَى: {فَإِن علمتموهن مؤمنات} . أَي فَإِن علمتموهن متلفظات بِالْإِيمَان فَهَذَا مِمَّا نعلم قطعا وَيبقى بعد ذَلِك الْكَلَام فِي تَجْوِيز القَوْل إِيمَانًا وَهُوَ خَارج عَن مسئلتنا، فَهَذَا وَجه الرَّد على هَؤُلَاءِ، مَعَ أَن كل مَا يذكرُونَهُ يبطل عَلَيْهِم بِشَهَادَة الشُّهُود إِذْ لَا خلاف فِيهَا.

[١٠٣٣] وَأما وَجه الردعلى من أنكر جَوَاز وُرُود التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ بِخَبَر الْوَاحِد فَهُوَ أَن نقُول: الْجَوَاز والاستحالة معلومان بقضية الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة، فَكل مَا انحسمت فِيهِ طرق الاستحالة وَجب الْقطع بِجَوَازِهِ، والتعبد بِخَبَر الْوَاحِد مِمَّا لَا يَسْتَحِيل عقلا.

وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَو أسمعنا عَزِيز كَلَامه، أَو أخبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَقَالَ: اعلموا أَن ربكُم يَقُول لكم. مهما نقل موثوق بِهِ ظَاهرا مَعَ انطواء الْبَاطِن عَنْكُم خَبرا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعملوا بِمُوجبِه، وَإِن جوزتم كذبه وَغلب على ظنكم صدقه، فاعلموا أَن أَخْبَار من هَذَا وَصفه وغلبه ظنونكم آتٍ فِي إِثْبَات وجوب الْعَمَل عَلَيْكُم، فَمثل هَذَا لَو قدر لم يكن مستحيلا، وَلم يكن كَمَا لَو قدر مُقَدّر تَكْلِيف الْمحَال وَجمع المتضادات إِلَى غير ذَلِك من ضروب المستحيلات.

وَالَّذِي يعضد الْأَدِلَّة بِهِ اتِّفَاق الكافة على ثُبُوت التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ بقضية شَهَادَة الشُّهُود فِي الحكومات والخصومات مَعَ الاسترابة فِي الصدْق وَالْكذب، وَكَذَلِكَ أَجمعُوا على صِحَة الْمصير إِلَى قَول الْمُفْتِي فِي الْحَوَادِث مَعَ تقَابل الجائزات فِي حَقه، فَكَذَلِك من أخبر عَن نَفسه بِإِيمَان أَو كفر فقد ثَبت التَّعَبُّد بالجري على مُوجب قَوْله مَعَ جَوَاز كذبه، فَتبين التحاق ذَلِك بالجائزات.

<<  <  ج: ص:  >  >>