[١٠٣٤] وللمخالفين فُصُول يتمسكون بهَا بَين الشَّهَادَات وَالْأَخْبَار، وَنحن نومىء إِلَى معظمها ونبين فَسَادهَا.
فَإِن قَالُوا: لَا يسوغ الاستشهاد بالشهادات وَذَلِكَ أَن التَّعَبُّد بهَا ثَابت بالأدلة، وَلَيْسَ كَذَلِك الْأَخْبَار.
قُلْنَا: لاتضربوا بِإِثْبَات وَلَا تتخبطوا، فان الْمَقْصد من ذَلِك ثبيت الْجَوَاز الْعقلِيّ، فَهَلا جوزتم أَن يثبت على الْأَخْبَار وَالْقَصْد بهَا من الْأَدِلَّة السمعية مَا ثَبت على الشَّهَادَات، وَهَذَا مَا لَا محيص لَهُم عَنهُ، فتدبره، ثمَّ نقُول قد ثَبت أَخْبَار الْآحَاد بالأدلة السمعية القاطعة للمقادير على مَا سنذكرها بعد ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فَلَا فصل.
] ١٠٣٥] فَإِن قَالُوا: الْفرق بَين الشَّهَادَة وَالْأَخْبَار أَن الشَّهَادَة نازلة منزلَة إِقْرَار الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَلَو أقرّ حكم عَلَيْهِ بِهِ مَعَ ترداد إِقْرَاره م بَين الصدْق وَالْكذب فَنزلت الشَّهَادَة منزلَة الْإِقْرَار فَينزل الْخَبَر منزلَة إِخْبَار الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإخبار الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم صدقه قطعا، [١١٦ / ٥] فَكل خبر علم صدقه أقيم مقَام أَخْبَار الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَنَقُول: هَذَا الَّذِي ذكرتموه لَا ينجيكم عَمَّا أُرِيد بكم فَإِن مقصدنا تثبيت جَوَاز التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ بِمَا لم يعلم صدقه، وَمَا ذكرتموه من نزُول الشَّهَادَة منزلَة الْإِقْرَار لَا يغنيكم، فَإِن الْإِقْرَار الَّذِي إِلَيْهِ مستروحكم أقوى الْحجَج عَلَيْكُم، فَإِنَّهُ يحكم بِهِ مَعَ تردد، فَإِذا انْقَلب مَا قدروه انفصالا اسْتِدْلَالا عَلَيْهِم فقد بَطل مَا راموه، على أَن نقُول قد ثبتَتْ الشَّهَادَة فِي مَوضِع لَا يَصح فِيهِ الْإِقْرَار، وَهُوَ الشَّهَادَات على الْأَطْفَال والمجانين وَالْعَبِيد فِي بعض أحكامهم، فاضمحل مَا قَالُوهُ على أَنا نقُول ذكر الشَّهَادَة لَيْسَ من أَرْكَان الدّلَالَة الَّتِي عولنا عَلَيْهَا فَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute