للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الدّلَالَة مُسْتَقلَّة بِنَفسِهَا دون ذكر الشواهد وَلَو قدرناكم مِمَّا يعين فِي الشَّهَادَات لاطرحت الدّلَالَة عَلَيْكُم فِي الْأَخْبَار والشهادات مَعًا، فَإنَّا بَينا أَن تَقْدِير وُرُود التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ لَيْسَ من المستحيلات الَّتِي لَا يتَصَوَّر التَّوَصُّل إِلَيْهَا.

وَقد ذكرنَا فِيمَا قدمنَا أَن كل مَا يَصح اكتسابه صَحَّ وُرُود التَّكْلِيف بِهِ، وَلَو تتبعنا الْأُصُول الْفَاسِدَة للمعتزلة فِي بِنَاء التَّكْلِيف على مصَالح الْخلق وَطلب اللطف لم يبعد اسْتِمْرَار الدّلَالَة على هَذَا الأَصْل، وَأَنا نقُول: يجوز أَن يعلم الرب تَعَالَى أَنه لَو تعبد عبيده بِالْعَمَلِ بأخبار الْآحَاد لأطاعوا وتحسسوا عَن صِفَات الْعَدَالَة، واستوجبوا بالبحث عَنْهَا الْأجر الجزيل، وَلَو نصب الْأَدِلَّة القاطعة لعلم أَن ذَلِك كَانَ يُؤَدِّي إِلَى الْمفْسدَة، فَلم يسْتَحل مَا قُلْنَاهُ على وَاحِد من الْأُصُولِيِّينَ.

[١٩٣٦] فَهَذَا وَجه الرَّد على هَؤُلَاءِ، فَلم يبْق لَهُم معتصم سوى أَن يَقُولُوا فجوزوا وُرُود التَّكْلِيف بِالْعَمَلِ بِخَبَر الْفَاسِق، قُلْنَا: وَهَذَا مَا نقُول بِهِ، وَلَا نتحاشى مِنْهُ، وَهُوَ من مجوزات الْعُقُول وَلَكِن وَردت الْأَدِلَّة السمعية بِمَنْع ذَلِك.

[١٠٣٧] وَأما وَجه الرَّد على من زعم أَن خبر الْوَاحِد يجب التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ بِهِ عقلا وسمعا فَوَاضِح الْبطلَان، فَإنَّا قدمنَا فِي صدر

<<  <  ج: ص:  >  >>