وَلست أخْتَار لَك التَّمَسُّك بِهَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ ابْتِدَاء، فَإنَّك تكون فِي ذَلِك طاردا وَلَا تستمر دلالتك على سير الْأُصُولِيِّينَ، وقصاراه أَن يَقُول لَك الْخصم: قد ثَبت الشَّهَادَة وَالْفَتْوَى بِدلَالَة قَاطِعَة لم يثبت الْخَبَر بِمِثْلِهَا، [فتلجئك] الضَّرُورَة إِلَى ذكر الْأَدِلَّة على وجوب الْعَمَل بأخبار الْآحَاد فاكتف بِمَا سبق، وَأعد هذَيْن الْفَصْلَيْنِ لنقض شبه الْمُخَالفين.
[١٠٤٥] فَإِن تمسك من أنكر الْعَمَل باخبار الْآحَاد بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} . الْآيَة. [فقد] قدمنَا وَجه الْكَلَام على هَذِه الْآيَة فِيمَا سبق وَإِن استروحوا إِلَى رد الصَّحَابَة أَخْبَار الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي نقلهَا الْآحَاد فقد قدمنَا فِيهِ كلَاما شافيا، وَإِن انعطفوا على شُبْهَة من منع التَّمَسُّك بأخبار الْآحَاد عقلا، فقد أوضحنا وَجه الرَّد عَلَيْهِم وتقصينا كل شُبْهَة لَهُم، على أَن كل مَا يتمسكون يبطل عَلَيْهِم بالشهادات وَالْفَتْوَى.
[١٠٤٦] فَإِن اسْتدلَّ من شَرط الْعدَد فِي الرِّوَايَة بِبَعْض مَا قدمْنَاهُ من الْقَصَص فِي اشْتِرَاط الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم رِوَايَتَيْنِ فِي جمل من الْأَحْكَام، فَأول مَا نفاتح بِهِ هَؤُلَاءِ أَن نقُول لَئِن سَاغَ لكم التَّمَسُّك بِمَا أشرتم إِلَيْهِ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute