[بعض] الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنه إِذا علم سَماع الْكتاب من ثِقَة فَلهُ رِوَايَته إِذا كَانَ حَافِظًا وضابطا وَقد أومى الشَّافِعِي رَحمَه الله إِلَيْهِ فِي الرسَالَة، وَهَذَا لَا يَصح، فَإِن الرِّوَايَة لَا تستقل إِلَّا بالمروي عَنهُ، فَإِذا لم يعرف عَنهُ لم تخل، إِمَّا أَن يطبق رِوَايَته وَلَا يسندها إِلَى مَرْوِيّ عَنهُ وَإِمَّا أَن يسندها إِلَى شخص بِعَيْنِه، فَإِذا لم يسندها إِلَى شخص فقد أرسل، وَلَا حجَّة فِي الْمَرَاسِيل على مَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِن اسنده إِلَى شخص بِعَيْنِه مَعَ الاسترابة فقد أقدم على رِوَايَة مَا يستريب فِيهِ وَهَذَا من أعظم التهم فِي التساهل فِي الرِّوَايَة، وَلَو جَازَ ذَلِك جَازَ فِي أصل الرِّوَايَة مَعَ التشكيك فِيهِ حَتَّى يروي خَبرا مَعَ تشككه فِي أَنه هَل سَمعه أم لَا. فَإِذا لم يجز ذَلِك لم يجز إِسْنَاده إِلَى شخص مَعَ التشكيك وَإِن استيقن اصل السماع.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَيْضا من أصل الشَّافِعِي أَن من تحمل شَهَادَة استيقن تحملهَا، وأشكل عَلَيْهِ عين من تحمل الشَّهَادَة عَنهُ [فَلَا] يجوز لَهُ إِقَامَة الشَّهَادَة على من يغلب على ظَنّه أَن الْمَشْهُود عَلَيْهِ هُوَ.