اللَّفْظ الْمُصَرّح بِهِ من غير تضمن، وَلَا يخْتَص النّسخ بذلك، فَإِنَّهُ قد ثَبت لفحوى الْخطاب وَإِن كَانَ ضمنا فِي الْكَلَام غير مُصَرح، فَهُوَ وَأَمْثَاله ينْدَرج تَحت إِطْلَاق الْخطاب، وَإِن كَانَ يبعد تَسْمِيَته نصا، وَقَيَّدنَا الحكم بالحكم وَلم نخصصه بِالْأَمر فَإِن من النَّاس من يَقُول: هُوَ " ارْتِفَاع الْأَمر الأول " وَفِيه اختلال فَإِن النّسخ لَا يتخصص بالأوامر والنواهي، وَلَكِن يتَحَقَّق فِي جملَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، حظرها وإباحتها وندبها واستحبابها، فَذكر الحكم أَولا ثمَّ صرحنا فِي الْحَد بِأَن قُلْنَا: هُوَ " الْخطاب الدَّال على ارْتِفَاع الحكم الثَّابِت ": فأنبأ ذَلِك صريحاعن اقْتِضَاء النّسخ رفع حكم ثَابت فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى، على مَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله واحترزنا بقولنَا:" مَعَ تراخيه " على التقييدات الْمُتَّصِلَة بالْكلَام، نَحْو قَوْله سُبْحَانَهُ:{ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى الَّيْلِ} فَلَا نقُول أَن قَوْله: {إِلَى الَّيْلِ} نَاسخ للصيام، بل هُوَ كَلَام وَاحِد مُفِيد وتقييده يُبينهُ، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ رفع حكم بعد ثُبُوته.
وَاعْلَم أَن مَا قيدنَا بِهِ الْحَد من رفع / الحكم بعد ثُبُوته يُغْنِيك عَن ذَلِك، فَإِن هَذِه التغييرات لَا تَتَضَمَّن رفعا بعد ثُبُوته، وَلَكِن من حكم النّسخ، أَن يَقع مُتَأَخِّرًا على مَا سَنذكرُهُ من شَرَائِطه إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَذكرنَا ذَلِك فِي الْحَد لهَذَا الْمَعْنى، فَهَذَا هُوَ الْحَد السديد عندنَا.
[١١٩٢] ثمَّ اعلموا أَن من أصل أهل الْحق أَنهم لَا يستنكرون أَن يثبت الحكم ثمَّ يرْتَفع عين مَا ثَبت وَذَلِكَ أَنا لَا نعلق الشَّرَائِع بالإراده وَلَا نجْعَل