قَوْلكُم فَأنى يَسْتَقِيم مِنْكُم أَن تَقولُوا: لَوْلَا الثَّانِي لَكَانَ الحكم مستداما، فَإِن عنْدكُمْ أَن الحكم فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان لم ينْدَرج تَحت اللَّفْظ الأول إِرَادَة، فَكيف يسْتَمر أَن تَقولُوا أَنه تثبيت الحكم لَوْلَا وُرُود النّسخ، فَبَطل مَا قَالُوهُ، وَتبين تصريحهم بِأَن النَّاسِخ لَا يتَعَرَّض للمنسوخ بِوَجْه، وَهُوَ مَعَه حكمان ثابتين فِي وَقْتَيْنِ، هَذَا مَا لَا حِيلَة فِي دَفعه.
[١١٩٤] وَيُقَال لمن ذهب من الْفُقَهَاء أَن النّسخ هُوَ تَبْيِين الْوَقْت: هَذَا تَصْرِيح مِنْكُم بِمثل مَا صرح بِهِ الْيَهُود والمعتزلة أَن الثَّابِت يَسْتَحِيل رَفعه، وَهَذَا نفي للسنخ، ثمَّ يُقَال إِن كَانَ ذَلِك تَخْصِيصًا، فَهَلا جَازَ النّسخ بِمَا يجوز التَّخْصِيص بِهِ ف فَإِن قَالُوا التَّخْصِيص تَأْوِيل لظَاهِر مُحْتَمل وَأما النَّص الأول فِي بَاب النّسخ فَإِنَّمَا هُوَ نَص لَا يحْتَمل التَّأْوِيل، فَيُقَال لَهُم هَذِه غَفلَة عَظِيمَة فَإِنَّهُ لَو كَانَ لَا يحْتَمل التَّأْوِيل وَكَانَ مستوعبا للأوقات نصا، فَكيف يجوز على بَعْضهَا، فَهَذَا تَكْذِيب للنَّص وَتعرض للتخطئة فِيهِ، وَإِن قدرتم النّسخ تَبينا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute