للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: لَا حَاجَة بِنَا إِلَى تَصْوِير هَذَا الشَّرْط وَلَكنَّا نفصح بِالْمَقْصُودِ فَنَقُول: تعلق الْأَمر على اقْتِضَاء الْإِيجَاب بالشَّيْء الْوَاحِد، ثمَّ ارْتَفع الْوُجُوب فِي عينه فَتعلق النَّهْي بِهِ من غير حَاجَة إِلَى فرض شَرط وَتَقْدِير مَشْرُوط، وَمن صَار إِلَى غير ذَلِك فقد ذهل عَن الْمَذْهَب وَجبن عَن حَقِيقَته، وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن مَا ذكره الْقَائِل الأول غير مُسْتَقِيم فَإِنَّهُ قَالَ تعلق الْأَمر بِهِ مَشْرُوط بِبَقَاء اتِّصَال الْأَمر بِهِ، وَهَذَا لَا يتَحَقَّق لَهُ وَذَلِكَ إِنَّه لَا يتَصَوَّر كَونه مَأْمُورا إِلَّا باتصال الْأَمر بِهِ فَلَا معنى لقَوْل الْقَائِل إِنَّه إِنَّمَا يكون مَأْمُورا مَا دَامَ الْأَمر مُتَّصِلا بِهِ، وَلَا فَائِدَة فِي جعل ذَلِك شرطا، فَإِن كَونه مَأْمُورا عين اتِّصَال الْأَمر بِهِ، فَلَا فرق بَين أَن يَقُول الْقَائِل هُوَ فِي كَونه مَأْمُورا مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ مَأْمُورا وَبَين ان يَقُول هُوَ فِي كَونه مَأْمُورا مَشْرُوطًا باتصال الْأَمر بِهِ.

فَهَذَا إِذا من قبيل شَرط الشَّيْء فِي نَفسه وَهُوَ محَال غير مَعْقُول.

[١٢٥٠] وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَنه إِنَّمَا يجوز أَن يقدر الشَّيْء شرطا فِي الشرعيات إِذا تقدر وُقُوع الْمَشْرُوط دون الشَّرْط، وَذَلِكَ نَحْو الطَّهَارَة، فَلَمَّا شرطت فِي الصَّلَاة تصور تَقْدِير وُقُوع الصَّلَاة فِي صورتهَا من غير طَهَارَة وَلَا يتَصَوَّر كَونه مَأْمُورا من غير اتِّصَال الْأَمر بِهِ فَلَا وَجه لتقدير الِاتِّصَال شرطا.

[١٢٥١] وَالَّذِي يُوضح ذَلِك إِنَّه لما لم يتَصَوَّر وُقُوع الِاكْتِسَاب من العَبْد إِلَّا ان يكون قَادِرًا لم يسع لَا جرم وَأَن يُقَال للْعَبد اكْتسب الْفِعْل بِشَرْط أَن تكون قَادِرًا أَو بِشَرْط أَن تكون مَوْجُودا أَو بِشَرْط أَن يُوجد فعلك فِي مَحل قدرتك، فَكل ذَلِك من لَغْو الْكَلَام، فَإِنَّهُ لَا يتَصَوَّر وُقُوع الْكسْب إِلَّا على هَذَا الْوَجْه.

<<  <  ج: ص:  >  >>