فِي الْبِلَاد وَصَارَ عِنْد كل قوم علم غير مَا عِنْد الآخرين وَهَذَا الشَّافِعِي ينْهَى أَصْحَابه عَن تَقْلِيده ويوصيهم بترك قَوْله إِذا جَاءَ الحَدِيث بِخِلَافِهِ وَهَذَا الإِمَام أَحْمد يُنكر على من كتب فَتَاوَاهُ ودونها وَيَقُول لَا تقلدني وَلَا تقلد فلَانا وَلَا فلَانا وَخذ من حَيْثُ أخذُوا وَلَو علمُوا رَضِي الله عَنْهُم أَن أَقْوَالهم يجب اتباعها لحرموا على أَصْحَابهم مخالفتهم وَلما سَاغَ لأصحابهم أَن يفتوا بخلافهم فِي شَيْء وَلما كَانَ أحدهم يَقُول القَوْل ثمَّ يُفْتِي بِخِلَافِهِ فيروي عَنهُ فِي الْمَسْأَلَة الْقَوْلَانِ وَالثَّلَاثَة وَأكْثر من ذَلِك فَالرَّأْي وَالِاجْتِهَاد أحس أَحْوَاله أَن يسوغ اتِّبَاعه وَالْحكم الْمنزل لَا يحل لمُسلم أَن يُخَالِفهُ وَلَا يخرج عَنهُ
وَأما الحكم الْمُبدل وَهُوَ الحكم بِغَيْر مَا أنزل الله فَلَا يحل تنفيذه وَلَا الْعَمَل بِهِ وَلَا يسوغ اتِّبَاعه وَصَاحبه بَين الْكفْر والفسوق وَالظُّلم
وَالْمَقْصُود التَّنْبِيه على بعض أَحْوَال النَّفس المطمئنة واللوامة والأمارة وَمَا تشترك فِيهِ النُّفُوس الثَّلَاثَة وَمَا يتَمَيَّز بِهِ بَعْضهَا من بعض وأفعال كل وَاحِدَة مِنْهَا واختلافها ومقاصدها ونياتها وَفِي ذَلِك تَنْبِيه على مَا وَرَاءه وَهِي نفس وَاحِدَة تكون أَمارَة تَارَة ولوامة أُخْرَى ومطمئنة أُخْرَى وَأكْثر النَّاس الْغَالِب عَلَيْهِم الأمارة وَأما المطمئنة فَهِيَ اقل النُّفُوس البشرية عددا وَأَعْظَمهَا عِنْد الله قدرا وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَسْئُول المرجو الْإِجَابَة الْإِجَابَة أَن يَجْعَل نفوسنا مطمئنة إِلَيْهِ عاكفة بهمتها عَلَيْهِ راهبة مِنْهُ راغبة فِيمَا لَدَيْهِ وان يعيذنا من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا وَأَن لَا يجعلنا مِمَّن أغفل قلبه عَن ذكره وَاتبع هَوَاهُ وَكَانَ أمره فرطا وَلَا يجعلنا من الأخسرين أعمالا الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا أَنه سميع الدُّعَاء وَأهل الرَّجَاء وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل تمّ الْكتاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute