وَنحن نمْنَع من أَخذ الْأُجْرَة على كل قربَة ونحبط بِأخذ الْأجر عَلَيْهَا كالقضاء والفتيا وَتَعْلِيم الْعلم وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَغَيرهَا فَلَا يثيب الله عَلَيْهَا إِلَّا لمخلص اخلص الْعَمَل لوجهه فَإِذا فعله للأجرة لم يثب عَلَيْهِ الْفَاعِل وَلَا الْمُسْتَأْجر فَلَا يَلِيق بمحاسن الشَّرْع أَن يَجْعَل الْعِبَادَات الْخَالِصَة لَهُ معاملات تقصد بهَا الْمُعَاوَضَات والإكساب الدُّنْيَوِيَّة وَفَارق قَضَاء الدُّيُون وضمانها فَإِنَّهَا حُقُوق الْآدَمِيّين يَنُوب بَعضهم فِيهَا عَن بعض فَلذَلِك جَازَت فِي الْحَيَاة وَبعد الْمَوْت
فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ إهداء نصف الثَّوَاب وربعه إِلَى الْمَيِّت فَالْجَوَاب من
وَجْهَيْن
أَحدهمَا منع الْمُلَازمَة فَإِنَّكُم لم تَذكرُوا عَلَيْهَا دَلِيلا إِلَّا مُجَرّد الدَّعْوَى
الثَّانِي الْتِزَام ذَلِك وَالْقَوْل بِهِ نَص عَلَيْهِ الإِمَام احْمَد فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن يحيى الكحال وَوجه هَذَا أَن الثَّوَاب ملك لَهُ فَلهُ أَن يهديه جَمِيعه وَله أَن يهدى بعضه يُوضحهُ أَنه لَو أهداه إِلَى أَرْبَعَة مثلا يحصل لكل مِنْهُم ربعه فَإِذا أهْدى الرّبع وَأبقى لنَفسِهِ الْبَاقِي جَازَ كَمَا لَو أهداه إِلَى غَيره
فصل وَأما قَوْلكُم لَو سَاغَ ذَلِك لساغ إهداؤه بعد أَن يعمله لنَفسِهِ وَقد
قُلْتُمْ انه لَا بُد أَن ينوى حَال الْفِعْل إهداءه إِلَى الْمَيِّت وَإِلَّا لم يصل
فَالْجَوَاب ان هَذِه الْمَسْأَلَة غير منصوصة عَن أَحْمد وَلَا هَذَا الشَّرْط فِي كَلَام الْمُتَقَدِّمين من أَصْحَابه وَإِنَّمَا ذكره الْمُتَأَخّرُونَ كَالْقَاضِي وَأَتْبَاعه
قَالَ ابْن عقيل إِذا فعل طَاعَة من صَلَاة وَصِيَام وَقِرَاءَة قُرْآن وأهداها بِأَن جعل ثَوَابهَا للْمَيت الْمُسلم فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِ ذَلِك وينفعه بِشَرْط أَن يتَقَدَّم نِيَّة الْهَدِيَّة على الطَّاعَة أَو تقارنها
وَقَالَ أَبُو عبد الله بن حمدَان فِي رعايته وَمن تطوع بقربة من صَدَقَة وَصَلَاة وَصِيَام وَحج وَعمرَة وَقِرَاءَة وَعتق وَغير ذَلِك من عبَادَة بدنية تدْخلهَا النِّيَابَة وَعبادَة مَالِيَّة وَجعل جَمِيع ثَوَابهَا أَو بعضه لمَيت مُسلم حَتَّى النَّبِي ودعا لَهُ أَو اسْتغْفر لَهُ أَو قضى مَا عَلَيْهِ من حق شَرْعِي أَو وَاجِب تدخله النِّيَابَة نَفعه ذَلِك وَوصل إِلَيْهِ أجره وَقيل إِن نَوَاه حَال فعله أَو قبله وصل إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا
وسر المسالة أَن أَو ان شَرط حُصُول الثَّوَاب أَن يَقع لمن أهْدى لَهُ أَولا وَيجوز أَن يَقع لِلْعَامِلِ ثمَّ ينْتَقل عَنهُ إِلَى غَيره فَمن شَرط أَن ينوى قبل الْفِعْل أَو الْفَرَاغ مِنْهُ وُصُوله قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute