وَكَذَلِكَ قَالَ للَّذي سَمعه يلبى عَن شبْرمَة حج عَن نَفسك ثمَّ حج عَن شبْرمَة
وَلما سَأَلته الْمَرْأَة عَن الطِّفْل الَّذِي مَعهَا فَقَالَت أَلِهَذَا حج قَالَ نعم وَلم يقل إِنَّمَا لَهُ ثَوَاب الْإِنْفَاق بل أخبر أَن لَهُ حجا مَعَ أَنه لم يفعل شَيْئا بل وليه يَنُوب عَنهُ فِي أَفعَال الْمَنَاسِك
ثمَّ إِن النَّائِب عَن الْمَيِّت قد لَا ينْفق شَيْئا فِي حجَّته غير نَفَقَة مقَامه فَمَا الَّذِي يَجْعَل نَفَقَة ثَوَاب نَفَقَة مقَامه للمحجوج عَنهُ وَهُوَ لم ينفقها على الْحَج بل تِلْكَ نَفَقَته أَقَامَ أم سَافر فَهَذَا القَوْل ترده السّنة وَالْقِيَاس وَالله أعلم
فصل فَإِن قيل فَهَل تشترطون فِي وُصُول الثَّوَاب ان يهديه بِلَفْظِهِ أم يَكْفِي
فِي وُصُوله مُجَرّد نيه الْعَامِل أَن يهديها إِلَى الْغَيْر
قيل السّنة لم تشْتَرط التَّلَفُّظ بالإهداء فِي حَدِيث وَاحِد بل أطلق الْفِعْل عَن الْغَيْر كَالصَّوْمِ وَالْحج وَالصَّدَََقَة وَلم يقل لفاعل ذَلِك وَقل اللَّهُمَّ هَذَا عَن فلَان ابْن فلَان وَالله سُبْحَانَهُ يعلم نِيَّة العَبْد وقصده بِعَمَلِهِ فان ذكره جَازَ وَإِن ترك ذكره واكتفي بِالنِّيَّةِ وَالْقَصْد وصل إِلَيْهِ وَلَا يحْتَاج أَن يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي صَائِم غَدا عَن فلَان ابْن فلَان وَلِهَذَا وَالله أعلم اشْترط من اشْترط نِيَّة الْفِعْل عَن الْغَيْر قبله ليَكُون وَاقعا بِالْقَصْدِ عَن الْمَيِّت
فَأَما إِذا فعله لنَفسِهِ ثمَّ نوى أَن يَجْعَل ثَوَابه للْغَيْر لم يصر الْغَيْر بِمُجَرَّد النِّيَّة كَمَا لَو نوى أَن يهب أَو يعْتق أَو يتَصَدَّق لم يحصل ذَلِك بِمُجَرَّد النِّيَّة
وَبِمَا يُوضح ذَلِك أَنه لَو بنى مَكَانا بنية أَن يَجعله مَسْجِدا أَو مدرسة أَو ساقية وَنَحْو ذَلِك صَار وَقفا بِفِعْلِهِ مَعَ النِّيَّة وَلم يحْتَج إِلَى تلفظ
وَكَذَلِكَ لَو أعْطى الْفَقِير مَالا بنية الزَّكَاة سَقَطت عَنهُ الزَّكَاة وَإِن لم يتَلَفَّظ بهَا
وَكَذَلِكَ لَو أدّى عَن غَيره دينا حَيا كَانَ أَو مَيتا سقط من ذمَّته وَإِن لم يقل هَذَا عَن فلَان
فَإِن قيل فَهَل يتَعَيَّن عَلَيْهِ تَعْلِيق الإهداء بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ إِن كنت قبلت هَذَا الْعَمَل وأثبتنى عَلَيْهِ فَاجْعَلْ ثَوَابه لفُلَان أم لَا
قيل لَا يتَعَيَّن ذَلِك لفظا وَلَا قصدا بل لَا فَائِدَة فِي هَذَا الشَّرْط فان الله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا يفعل هَذَا سَوَاء شَرطه أَو لم يشرطه فَلَو كَانَ سُبْحَانَهُ يفعل غير هَذَا بِدُونِ الشَّرْط كَانَ فِي الشَّرْط فَائِدَة
وَأما قَوْله اللَّهُمَّ إِن كنت اثبتنى على هَذَا فَاجْعَلْ ثَوَابه لفُلَان فَهُوَ بِنَاء على ان الثَّوَاب يَقع لِلْعَامِلِ ثمَّ ينْتَقل مِنْهُ إِلَى من أهْدى لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِك بل إِذا نوى حَال الْفِعْل