إِنَّمَا يلْحق الْمُؤمن من عمله وحسناته بعد مَوته علما علمه ونشره أَو ولدا صَالحا تَركه أَو مُصحفا وَرثهُ أَو مَسْجِدا بناه أَو بَيْتا لِابْنِ السَّبِيل بناه أَو نَهرا إِكْرَاه أَو صَدَقَة أخرجهَا من مَاله فِي صِحَّته وحياته تلْحقهُ من بعد مَوته
وَفِي صَحِيح مُسلم أَيْضا من حَدِيث جرير بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله من سنّ فِي الْإِسْلَام سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا من بعده من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وَمن سنّ فِي الْإِسْلَام سنة سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وزرها ووزر من عمل بهَا من بعده من غير أَن ينقص من أوزارهم شَيْء وَهَذَا الْمَعْنى روى عَن النَّبِي من عدَّة وُجُوه صِحَاح وَحسان
وَفِي الْمسند عَن حُذَيْفَة قَالَ سَأَلَ رجل على عهد رَسُول الله فامسك الْقَوْم ثمَّ أَن رجلا أعطَاهُ فَأعْطى الْقَوْم فَقَالَ النَّبِي من سنّ خيرا فاستن بِهِ كَانَ لَهُ أجره وَمن أجور من تبعه غير منتقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن سنّ شرا فاستن بِهِ كَانَ عَلَيْهِ وزره وَمن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شَيْئا
وَقد دلّ على هَذَا قَوْله لَا تقتل نفس ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل فَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْعَذَاب وَالْعِقَاب فَفِي الْفضل وَالثَّوَاب أولى وَأَحْرَى
فصل وَالدَّلِيل على انتفاعه بِغَيْر مَا تسبب فِيهِ الْقُرْآن وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
وقواعد الشَّرْع
أما الْقُرْآن فَقَوله تَعَالَى {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان} فَأثْنى الله سُبْحَانَهُ عَلَيْهِم باستغفارهم للْمُؤْمِنين قبلهم فَدلَّ على انتفاعهم باستغفار الْأَحْيَاء