وَفِي سنَن أَبى دَاوُود من حَدِيث أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله لما عرج بى مَرَرْت بِقوم لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم فَقلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم
وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطيالسى فِي مُسْنده حَدثنَا شُعْبَة عَن الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله على قبرين فَقَالَ إنَّهُمَا ليعذبان فِي غير كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ يَأْكُل لُحُوم النَّاس وَأما الآخر فَكَانَ صَاحب نميمة ثمَّ دَعَا بجريدة فَشَقهَا نِصْفَيْنِ فَوضع نصفهَا على هَذَا الْقَبْر وَنِصْفهَا على هَذَا الْقَبْر وَقَالَ عَسى أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا دامتا رطبتين
وَقد اخْتلف النَّاس فِي هذَيْن هَل كَانَا كَافِرين أَو مُؤمنين كَانَا كَافِرين وَقَوله وَمَا يعذبان فِي كَبِير يعْنى بالاضافة إِلَى الْكفْر والشرك قَالُوا وَيدل عَلَيْهِ أَن الْعَذَاب لم يرْتَفع عَنْهُمَا وَإِنَّمَا خفف وَأَيْضًا فَإِنَّهُ خفف مُدَّة رُطُوبَة الجريدة فَقَط وَأَيْضًا فانهما لَو كَانَا مُؤمنين لشفع فيهمَا ودعا لَهما النَّبِي فَرفع عَنْهُمَا بِشَفَاعَتِهِ وَأَيْضًا فَفِي بعض طرق الحَدِيث أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرين وَهَذَا التعذيب زِيَادَة على تعذيبهما بكفرهما وخطاياهما وَهُوَ دَلِيل على أَن الْكَافِر يعذب بِكُفْرِهِ وذنوبه جَمِيعًا وَهَذَا اخْتِيَار أَبى الحكم بن برخان
وَقيل كَانَا مُسلمين لنفيه بِسَبَب غير السببين الْمَذْكُورين وَلقَوْله وَمَا يعذبان فِي كَبِير وَالْكفْر والشرك أكبر الْكَبَائِر على الْإِطْلَاق وَلَا يلْزم أَن يشفع النَّبِي لكل مُسلم يعذب فِي قَبره على جريمة من الجرائم فقد أخبر عَن صَاحب الشملة الذى قتل فِي الْجِهَاد أَن الشملة تشتعل عَلَيْهِ نَارا فِي قَبره وَكَانَ مُسلما مُجَاهدًا وَلَا يعلم ثُبُوت هَذِه اللَّفْظَة وهى قَوْله كَانَا كَافِرين ولعلها لَو صحت وكلا فهى من قَول بعض الروَاة وَالله أعلم وَهَذَا اخْتِيَار أَبى عبد الله القرطبى
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وهى قَول للسَّائِل مَا جَوَابنَا للملاحدة والزنادقة المنكرين
لعذاب الْقَبْر وسعته وضيقه وَكَونه حُفْرَة من حفر النَّار أَو رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَكَون الْمَيِّت لَا يجلس وَلَا يقْعد فِيهِ
قَالُوا فانا نكشف الْقَبْر فَلَا نجد فِيهِ مَلَائِكَة عميا صمًّا يضْربُونَ الْمَوْتَى بمطارق من حَدِيد وَلَا نجد هُنَاكَ حيات وَلَا ثعابين وَلَا نيرانا تأجج وَلَو كشفنا حَالَة من الْأَحْوَال لوجدناه لم يتَغَيَّر وَلَو وَضعنَا على عَيْنَيْهِ الزئبق وعَلى صَدره الْخَرْدَل لوجدناه على حَاله وَكَيف يفسح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute