فِي الْبدن تاثيرا مشاهدا فَيرى النَّائِم فِي نَومه أَنه ضرب فَيُصْبِح وَأثر الضَّرْب فِي جِسْمه وَيرى أَنه قد أكل أَو شرب فيستيقظ وَهُوَ يجد أثر الطَّعَام وَالشرَاب فِي فِيهِ وَيذْهب عَنهُ الْجُوع والظمأ
وأعجب من ذَلِك أَنَّك ترى النَّائِم يقوم فِي نَومه وَيضْرب ويبطش ويدافع كَأَنَّهُ يقظان وَهُوَ نَائِم لَا شُعُور لَهُ بشىء من ذَلِك وَذَلِكَ أَن الحكم لما جرى على الرّوح استعانت بِالْبدنِ من خَارجه وَلَو دخلت فِيهِ لاستيقظ وأحس فَإِذا كَانَت الرّوح تتألم وتتنعم ويصل ذَلِك إِلَى بدنهَا بطرِيق الاستتباع فَهَكَذَا فِي البرزخ بل أعظم فَإِن تجرد الرّوح هُنَالك أكمل وَأقوى وهى مُتَعَلقَة ببدنها لم تَنْقَطِع عَنهُ كل الِانْقِطَاع فَإِذا كَانَ يَوْم حشر الأجساد وَقيام النَّاس من قُبُورهم صَار الحكم وَالنَّعِيم وَالْعَذَاب على الْأَرْوَاح والأجساد ظَاهرا باديا أصلا
وَمَتى أَعْطَيْت هَذَا الْموضع حَقه تبين لَك أَن مَا أخبر بِهِ الرَّسُول من عَذَاب الْقَبْر ونعيمه وضيقه وسعته وضمه وَكَونه حُفْرَة من حفر النَّار أَو رَوْضَة من رياض الْجنَّة مُطَابق لِلْعَقْلِ وَأَنه حق لَا مرية فِيهِ وَإِن من أشكل عَلَيْهِ ذَلِك فَمن سوء فهمه وَقلة علمه أَتَى كَمَا قيل
وَكم من عائب قولا صَحِيحا ... وآفته من الْفَهم السقيم
وأعجب من ذَلِك أَنَّك تَجِد النائمين فِي فرَاش وَاحِد وَهَذَا روحه فِي النَّعيم وَيَسْتَيْقِظ وَأثر النَّعيم على بدنه وَهَذَا روحه فِي الْعَذَاب وَيَسْتَيْقِظ وَأثر الْعَذَاب على بدنه وَلَيْسَ عِنْد أَحدهمَا خبر عِنْد الآخر فَأمر البرزخ أعجب من ذَلِك
الْفَصْل الْأَمر الرَّابِع أَن الله سُبْحَانَهُ جعل أَمر الْآخِرَة وَمَا كَانَ مُتَّصِلا بهَا
غيبا وحجها عَن إِدْرَاك الْمُكَلّفين فِي هَذِه الدَّار وَذَلِكَ من كَمَال حكمته وليتميز الْمُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ من غَيرهم فَأول ذَلِك أَن الْمَلَائِكَة تنزل على المحتضر وتجلس قَرِيبا مِنْهُ ويشاهدهم عيَانًا وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْده وَمَعَهُمْ الأكفان والحنوط إِمَّا من الْجنَّة وَإِمَّا من النَّار ويؤمنون على دُعَاء الْحَاضِرين بِالْخَيرِ وَالشَّر وَقد يسلمُونَ على المحتضر وَيرد عَلَيْهِم تاره بِلَفْظِهِ تَارَة باشارته وتاره بِقَلْبِه حَيْثُ لَا يتَمَكَّن من نطق وَلَا إِشَارَة
وَقد سمع بعض المحتضرين يَقُول أَهلا وسهلا ومرحبا بِهَذِهِ الْوُجُوه
وَأَخْبرنِي شَيخنَا عَن بعض المحتضرين فَلَا ادرى أشاهده وَأخْبر عَنهُ انه سمع وَهُوَ يَقُول عَلَيْك السَّلَام هَا هُنَا فاجلس وَعَلَيْك السَّلَام هَا هُنَا فاجلس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute