خَالِد بن معدان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي طير خضر كالزرازير تَأْكُل من ثَمَر الْجنَّة وَرَوَاهُ غَيره مَوْقُوفا
وَذكر يزِيد الرقاشِي عَن أنس وَأَبُو عبد الله الشَّامي عَن تَمِيم الدارى عَن النَّبِي إِذا عرج ملك الْمَوْت بِروح الْمُؤمن إِلَى السَّمَاء استقبله جِبْرَائِيل فِي سبعين ألفا من الْمَلَائِكَة كل مِنْهُم يَأْتِيهِ بِبِشَارَة من السَّمَاء سوى بِشَارَة صَاحبه فَإِذا انتهي بِهِ إِلَى الْعَرْش خر سَاجِدا فَيَقُول الله عز وَجل لملك الْمَوْت انْطلق بِروح عبدى فضعه فِي سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب رَوَاهُ بكر بن خُنَيْس عَن ضرار بن عَمْرو عَن يزِيد وأبى عبد الله
فصل وَأما قَول من قَالَ الْأَرْوَاح على أفنية قبورها فان أَرَادَ أَن هَذَا
أَمر لَازم لَهَا لَا تفارق أفنية الْقُبُور أبدا فَهَذَا خطأ ترده نُصُوص الْكتاب وَالسّنة من وُجُوه كَثِيرَة قد ذكرنَا بَعْضهَا وَسَنذكر مِنْهَا مَا لم نذكرهُ إِن شَاءَ الله
وَإِن أَرَادَ أَنَّهَا تكون على أفنية الْقُبُور وقتا أَولهَا إشراف على قبورها وَهِي فِي مقرها فَهَذَا حق وَلَكِن لَا يُقَال مستقرها أفنية الْقُبُور
وَقد ذهب إِلَى هَذَا الْمَذْهَب جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عمر بن عبد الْبر قَالَ فِي كِتَابه فِي شرح حَدِيث ابْن عمر إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشى وَقد استبدل بِهِ من ذهب إِلَى ان الْأَرْوَاح على أفنية الْقُبُور وَهُوَ أصح مَا ذهب إِلَيْهِ فِي ذَلِك من طَرِيق الْأَثر أَلا ترى أَن الْأَحَادِيث الدَّالَّة على ذَلِك ثَابِتَة متواترة وَكَذَلِكَ أَحَادِيث السَّلَام على الْقُبُور
قلت يُرِيد الْأَحَادِيث المتواترة مثل حَدِيث ابْن عمر هَذَا وَمثل حَدِيث الْبَراء ابْن عَازِب الَّذِي تقدم وَفِيه هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله يَوْم الْقِيَامَة وَمثل حَدِيث أنس أَن للْعَبد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه انه ليسمع قرع نعَالهمْ وَفِيه أَنه يرى مَقْعَده من الْجنَّة وَالنَّار وَأَنه يفسح لِلْمُؤمنِ فِي قَبره سبعين ذِرَاعا ويضيق على الْكَافِر وَمثل حَدِيث جَابر إِن هَذِه الْأمة تبلى فِي قبورها فَإِذا دخل الْمُؤمن من قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه أَتَاهُ ملك الحَدِيث وَأَنه يرى مَقْعَده من الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي أبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن فَهَذَا مَقْعَدك أبدا وَمثل سَائِر أَحَادِيث عَذَاب الْقَبْر ونعيمه الَّتِي تقدّمت وَمثل أَحَادِيث السَّلَام على أهل الْقُبُور وخطابهم ومعرفتهم بزيارة الْأَحْيَاء لَهُم وَقد تقدم ذكر ذَلِك كُله
وَهَذَا القَوْل ترده السّنة الصَّحِيحَة والْآثَار الَّتِي لَا مدفع لَهَا وَقد تقدم ذكرهَا وكل مَا ذكره