للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة وَهِي قَول السَّائِل مَا الْأَسْبَاب الَّتِي يعذب بهَا أَصْحَاب الْقُبُور

جوابها من وَجْهَيْن مُجمل ومفصل أما الْمُجْمل فانهم يُعَذبُونَ على جهلهم بِاللَّه وإضاعتهم لأَمره وارتكابهم لمعاصيه فَلَا يعذب الله روحا عَرفته وأحبته وامتثلت أمره واجتنبت نَهْيه وَلَا بدنا كَانَت فِيهِ أبدا فان عَذَاب الْقَبْر وَعَذَاب الْآخِرَة أثر غضب الله وَسخطه على عَبده فَمن أغضب الله وأسخطه فِي هَذِه الدَّار ثمَّ لم يتب وَمَات على ذَلِك كَانَ لَهُ من عَذَاب البرزخ بِقدر غضب الله وَسخطه عَلَيْهِ فمستقل ومستكثر ومصدق ومكذب

وَأما الْجَواب الْمفصل فقد أخبر النَّبِي عَن الرجلَيْن الَّذين رآهما يعذبان فِي قبورهما يمشى أَحدهمَا بالنميمة بَين النَّاس وَيتْرك الآخر الِاسْتِبْرَاء من الْبَوْل فَهَذَا ترك الطَّهَارَة الْوَاجِبَة وَذَلِكَ ارْتكب السَّبَب الْموقع للعداوة بَين النَّاس بِلِسَانِهِ وَإِن كَانَ صَادِقا وَفِي هَذَا تَنْبِيه على أَن الْموقع بَينهم الْعَدَاوَة بِالْكَذِبِ والزور والبهتان أعظم عذَابا كَمَا أَن فِي ترك الِاسْتِبْرَاء من الْبَوْل تَنْبِيها على أَن من ترك الصَّلَاة الَّتِي الِاسْتِبْرَاء من الْبَوْل بعض واجباتها وشروطها فَهُوَ أَشد عذَابا وَفِي حَدِيث شُعْبَة أما أَحدهمَا فَكَانَ يَأْكُل لُحُوم النَّاس فَهَذَا مغتاب وَذَلِكَ نمام وَقد تقدم حَدِيث ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ فِي الذى ضرب سَوْطًا امْتَلَأَ الْقَبْر عَلَيْهِ بِهِ نَارا لكَونه صلى صَلَاة وَاحِدَة بِغَيْر طهُور وَمر على مظلوم فَلم ينصره

وَقد تقدم حَدِيث سَمُرَة فِي صَحِيح البخارى فِي تَعْذِيب من يكذب الكذبة فتبلغ الْآفَاق وتعذيب من يقْرَأ الْقُرْآن ثمَّ ينَام عَنهُ بِاللَّيْلِ وَلَا يعْمل بِهِ بِالنَّهَارِ وتعذيب الزناة والزوانى وتعذيب آكل الرِّبَا كَمَا شاهدهم النَّبِي فِي البرزخ

وَتقدم حَدِيث أَبى هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ الذى فِيهِ رضخ رُءُوس أَقوام بالصخر لتثاقل رُءُوسهم عَن الصَّلَاة والذى يسرحون بَين الضريع والزقوم لتركهم زَكَاة أَمْوَالهم وَالَّذين يَأْكُلُون اللَّحْم المنتن الْخَبيث لزناهم وَالَّذين تقْرض شفاههم بمقاريض من حَدِيد لقيامهم فِي الْفِتَن بالْكلَام والخطب

وَتقدم حَدِيث أَبى سعيد وعقوبة أَرْبَاب تِلْكَ الجرائم فَمنهمْ من بطونهم أَمْثَال الْبيُوت وهم على سابلة آل فِرْعَوْن وهم أَكلَة الرِّبَا وَمِنْهُم من تفتح أَفْوَاههم فيلقمون الْجَمْر حَتَّى يخرج من أسافلهم وهم أَكلَة أَمْوَال الْيَتَامَى وَمِنْهُم المعلقات بثديهن وَهن الزوانى وَمِنْهُم من تقطع جنُوبهم ويطعمون لحومهم وهم المغتابون وَمِنْهُم من لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم وهم الَّذين يغمتون أَعْرَاض النَّاس

<<  <   >  >>